فحالف ، ولا والله تهبط تلعة |
|
من الأرض إلّا أنت للذّلّ عارف |
ألا من رأى العبدين ، أو ذكرا له؟ |
|
عديّ وتيم تبتغي من تحالف (١) |
وروى الزّبير بن بكّار (٢) قال : مرّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومعه أبو بكر رضياللهعنه برجل يقول في بعض أزقّة مكة : [من الكامل]
يا أيّها الرجل المحوّل رحله |
|
هلّا نزلت بآل عبد الدّار |
فقال النبي صلىاللهعليهوسلم يا أبا بكر ، أهكذا قال الشاعر؟ قال : لا ، يا رسول الله ، ولكنه قال :
يا أيّها الرّجل المحوّل رحله |
|
هلّا سألت عن آل عبد مناف (٣) |
فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : هكذا كنّا نسمعها.
وأمّا ارتياحه صلىاللهعليهوسلم للشعر واستحسانه له ، فقد جاء فيه الخبر من وجوه. من ذلك حديث النّابغة الجعدي قال : أنشدت رسول الله صلىاللهعليهوسلم قولي : [من الطويل]
بلغنا السّماء ، مجدنا وجدودنا |
|
وإنّا لنرجو فوق ذلك مظهرا (٤) |
فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : أين المظهر يا أبا ليلى؟ فقلت : الجنّة ، يا رسول الله. قال : أجل إن شاء الله. ثم قال : أنشدني ، فأنشدته من قولي :
ولا خير في حلم ، إذا لم تكن له |
|
بوادر تحمي صفوه أن يكدّرا |
ولا خير في جهل ، إذا لم يكن له |
|
حليم إذا ما أورد الأمر أصدرا (٥) |
__________________
(١) البيتان لقيس بن معدان الكليبي. والتلعة : أرض مرتفعة غليظة يتردد فيها السيل ثم يندفع إلى أخرى أسفل منها والجمع : تلاع. انظر اللسان (تلع). وقوله : «عارف» من قولهم «عرف للأمر ، واعترف» صبر له وذلّ وانقاد.
(٢) هو أبو عبد الله القرشي الأسدي المكي. عالم بالأنساب وأخبار العرب ولي قضاء مكة ، توفي سنة ٢٥٦ ه. اه سير أعلام النبلاء (١٢ / ٣١١).
(٣) البيت لمطرود بن كعب الخزاعي وهو مطلع قصيدة. في رثاء عبد المطلب وبني عبد مناف. ا. ه السيرة النبوية (١ / ١٦٣).
(٤) البيت للنابغة الجعدي في ديوانه ، الأغاني (٥ / ١٢) ، ومظهرا : يعني مصعدا ، والظهر من الأرض ، ما غلظ وارتفع ، وفي الحديث عن عائشة : كان يصلي العصر في حجرتي قبل أن تظهر ، تعني الشمس أي : تعلو وترتفع. انظر اللسان (ظهر).
(٥) في ديوانه ، وانظر الأغاني (٥ / ١٣) ، وبادرة السيف : شباته ، والبادرة : الحدّة ، وهو ما يبدر من حدة الرجل عند غضبه من قول أو فعل ، والجمع : بوادر. انظر اللسان (بدر).