أنّ الموصليّة إنّما تنتزع من وجود الواجب ، وترتّبه عليها من دون اختلاف في ناحيتها ، وكونها (١) في كلتا الصورتين على نحو واحد وخصوصية واحدة ، ضرورة (٢) أنّ الإتيان بالواجب بعد الإتيان بها بالاختيار تارة ، وعدم الإتيان به كذلك (٣) أخرى لا يوجب (٤) تفاوتا فيها ، كما لا يخفى.
وأما ما أفاده (٥) قدسسره : من أنّ مطلوبيّة المقدّمة حيث كانت بمجرّد
______________________________________________________
ومحصل التعليل : أنّ الموصليّة ليست من الأوصاف المنوّعة حتى تكون الموصلة نوعا مغايرا للمقدّمة غير الموصلة ، وذلك لأنّ الموصليّة ـ كما تقدم ـ من الأمور الانتزاعيّة ، وليست إلّا منتزعة عن وجود الواجب ، وترتّبه على المقدّمة ، فالموصليّة تكون في المرتبة المتأخّرة عن نفس المقدّمة ، وغاية لها ، وليست في رتبتها حتى تكون منوّعة لها ، وتنقسم بها إلى قسمين : موصلة وغيرها. والصفات المنوّعة للشيء لا بدّ أن تكون مقارنة له في الوجود ، وليست الغاية منها ، لتأخّرها عن ذيها ، كتأخّر وجود ذي المقدّمة ـ الّذي هو غاية المقدّمة كما هو المفروض ـ عن نفس المقدّمة نظير سائر الغايات المتأخّرة عن ذواتها.
(١) معطوف على قوله : ـ أنّ الموصليّة ـ ، يعني : وضرورة كونها ـ أي المقدّمة ـ في كلتا الصورتين وهما : الإيصال وعدمه على نحو واحد ، لأنّ الموصلة وغيرها مشتركتان في ملاك الوجوب من دون تفاوت بينهما فيه ، كما تقدّم.
(٢) تعليل لكون المقدّمة في الصورتين على نحو واحد ، وقد تقدّم توضيحه.
(٣) أي : بالاختيار ، وضمير ـ بها ـ راجع إلى المقدّمة ، وضمير ـ به ـ إلى الواجب.
(٤) خبر ـ أنّ ـ ، وضمير ـ فيها ـ راجع إلى المقدّمة ، يعني : لا يوجب الإتيان بالواجب بعد المقدّمة تارة ، وعدم الإتيان به أخرى تفاوتا في المقدّمة من حيث ملاك المقدّمية ، وهو الاقتدار على فعل ذيها.
(٥) هذا إشارة إلى ردّ الوجه الثالث من الوجوه الّتي استدلّ بها الفصول على وجوب خصوص المقدّمة الموصلة.
ومحصل ذلك الوجه : أنّ وجوب المقدّمة لمّا كان لأجل التوصّل بها