الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدمته ، فتكون المسألة أُصولية ، لا عن نفس
______________________________________________________
الحكم الكلّي الفرعي بحيث تكون جزءاً أخيراً لعلة الاستنباط ـ عليها ، فإنّ البحث في مسألة وجوب المقدمة إنّما يكون بحثاً عن الملازمة بين إرادة شيء وإرادة مقدماته ، فيصح أن يقال : الحج مثلاً واجب ، وكل واجب تجب مقدماته ، فالحج تجب مقدماته ، ولا نعني بالمسألة الأُصولية إلّا ما يصح أن يقع كبرى لقياس ينتج حكماً كلياً فرعيّاً ، كما عرفت في هذا المثال.
ومع انطباق ضابط المسألة الأُصولية على مبحث مقدمة الواجب لا وجه للالتزام بكون البحث فيها استطرادياً ، وجعلها فقهية أو غيرها وان كانت فيها جهاتها ، لما مرّ في أول الكتاب من إمكان تداخل علمين أو أزيد في بعض المسائل.
__________________
فإنّ البحث عن وجوب الوفاء بالنذر وأخويه والإجارة من مسائل الفقه مع اختلاف الموضوع فيها ، لتعلق النذر تارة بالصلاة ، وأُخرى بالصوم ، وثالثة بالحج ، ورابعة بالزيارة ، وخامسة بالإطعام ، وهكذا. وكذا العهد ، واليمين ، والإجارة ، وحرمة الضرر ، وما يضمن بصحيحة يضمن بفاسده ، إلى غير ذلك مما لا يخفى.
نعم قد جرى اصطلاحهم فيما إذا كان الموضوع عنواناً خاصاً على تسميته بالمسألة الفقهية ، وفيما إذا كان الموضوع عامّاً على تسميته بالقاعدة الفقهية ، لكن الاصطلاح غير قادح في الجهة المبحوث عنها وهي كون البحث فقهيّاً ، هذا.
والأولى في تقريب عدم كون هذه المسألة فقهية أن يقال : إنّ البحث هنا في الملازمة التي هي من عوارض نفس الطلب ، لا من عوارض فعل المكلف ، كما هو شأن البحث الفقهي وإن كان العلم بالملازمة مستلزماً للعلم بحكم فعل المكلف وهو وجوب الإتيان بالمقدمة.
وأما تقريب كون المسألة كلامية فهو : أنّ علم الكلام ان كان ـ هو ما يبحث فيه عن أحوال المبدأ والمعاد ، أو ما يرجع إليهما من الثواب والعقاب والتحسين والتقبيح العقليّين ، فلا محالة تنتهي الملازمة إلى ذلك. وان كان هو ما يبحث فيه