لمقتضيه في تأثيره ، مثلا : يكون شدّة الشفقة على الولد الغريق ، وكثرة المحبة له تمنع عن أن يؤثّر ما في الأخ الغريق من المحبة والشفقة لإرادة إنقاذه مع المزاحمة ، فينقذ الولد دونه (١) ، فتأمل جيّدا.
ومما ذكرنا (٢) ظهر : أنّه لا فرق بين الضدّ الموجود والمعدوم في أنّ
______________________________________________________
(١) أي : الأخ.
(٢) من عدم مقدّميّة عدم أحد الضّدّين لوجود الآخر ، لوجهين :
أحدهما : الوجدان الّذي أشار إليه بقوله : «وذلك لأنّ المعاندة والمنافرة بين الشيئين ... إلخ».
والآخر : البرهان الّذي تعرّض له بقوله : «كيف ولو اقتضى التضاد توقّف وجود الشيء على عدم ضدّه ... إلخ» ، والغرض من هذه العبارة : ردّ التفصيل في المقدّميّة بين الضدّ المعدوم والضدّ الموجود بتسليم المقدّميّة في الضدّ الموجود ، وأنّ عدم الضّد الموجود مقدّمة لوجود الضّدّ الآخر ، دون المعدوم ، وأنّ عدم الضّد المعدوم ليس مقدّمة لوجود الضّد الآخر.
وبعبارة أخرى : وجود أحد الضّدين يتوقّف على عدم الضّد الموجود ، ولا يتوقّف على عدم الضّدّ المعدوم ، وسيأتي توضيحه عن قريب إن شاء الله تعالى ، مثلا : إذا كان الجسم مشغولا بالسواد ، فبياضه موقوف على رفع السواد.
وأمّا إذا لم يكن مشغولا به ، فبياضه غير موقوف على عدم السواد.
وهذا تفصيل بين الرفع والدفع في ترك الضّد ، وأنّ وجود الضّد متوقّف على رفع الضّدّ الآخر ، وليس متوقّفا على دفعه ، فليس ترك الضّد مطلقا مقدّمة لفعل
__________________
أو إلى الشرط فقط ، كما إذا فرض كون الطهارة شرطا مطلقا ، والحدث مانعا في حال الأجزاء ، فالبطلان حين فقدان الطهارة في حال السكوتات يستند إليه ، لا إلى وجود الحدث ، وفي حال الأجزاء يستند إليهما معا.
والمعوّل في كيفيّة الشرطيّة والمانعيّة إطلاقا وتقييدا هي أدلّة الشرائط والموانع.