خصوص الواجبات التوليديّة.
فان قلت (١) : ما من واجب إلّا وله علّة تامة ، ضرورة استحالة وجود الممكن بدونها ، فالتخصيص بالواجبات التوليديّة بلا مخصّص.
قلت : نعم (٢) وإن استحال صدور الممكن بلا علّة ، إلّا أنّ
______________________________________________________
(١) هذا اعتراض على ما استدركه بقوله : ـ نعم فيما كان الواجب من الأفعال التسبيبيّة والتوليديّة ـ ، وحاصل الاعتراض : أنّه لا يلزم من القول بوجوب المقدّمة الموصلة اختصاص الوجوب بمقدّمات الواجبات التوليديّة.
توضيحه : أنّ لكلّ واجب سواء أكان توليديّا أم غيره علّة تامّة لوجوده ، ولذا قيل : «إنّ الشيء ما لم يجب لم يوجد» ، والعلّة التامة بجميع أجزائها واجبة عند صاحب الفصول ، لأنّها موصلة إلى ذي المقدّمة ، فمقدّمات الحج من المسير ، وبذل الزاد والراحلة مع إرادة المناسك واجبة ، لأنّها بأسرها توصل إلى الحج ، فتخصيص وجوب المقدّمة بخصوص مقدّمات الواجبات التوليديّة ـ كما ذكر في الاستدراك بقوله : نعم فيما كان الواجب ... إلخ ـ يكون بلا وجه ، فوجوب المقدّمة الموصلة لا يختص بمقدّمات الواجبات التوليديّة.
(٢) هذا دفع الاعتراض المذكور ، وحاصله : أنّ الفعل الاختياري المباشري وإن كان كالتوليدي في توقف وجوده في الخارج على العلّة التامّة ، إلّا أنّه لمّا كان من أجزاء علّة الفعل غير التوليدي الإرادة ، وهي غير اختياريّة ، إذ لو كانت اختياريّة لزم أن تكون مسبوقة بإرادة ، وهكذا إلى أن تتسلسل ، فلا محالة تكون الإرادة غير اختيارية ، ومن المعلوم : أنّ كل ما يخرج عن حيّز الاختيار لا يتعلّق به التكليف مطلقا ولو غيريّا ، فالعلّة المركّبة من الاختياريّة وغيرها لا تتصف بالوجوب الغيري ، إذ المقدّمة الموصلة حينئذ هي خصوص الإرادة ، وقد عرفت عدم تعلّق التكليف بها ، لعدم كونها اختياريّة. وغير الإرادة من سائر المقدّمات ليست بموصلة حتى تتّصف بالوجوب.