في تعريف الإرادة بيان مرتبة الشوق الّذي يكون هو الإرادة وإن لم يكن هناك فعلا تحريك ، لكون المراد وما اشتاق إليه كمال الاشتياق أمرا استقباليا غير محتاج إلى تهيئة مئونة ، أو تمهيد مقدمة (١) ، ضرورة (٢) أنّ شوقه إليه ربما يكون أشد من الشوق المحرّك فعلا نحو أمر حالي أو استقبالي محتاج إلى ذلك (٣) ، هذا.
مع (٤) أنّه لا يكاد يتعلّق البعث إلّا بأمر متأخر عن زمان البعث ، ضرورة (٥)
______________________________________________________
الفعلي في الإرادة. وأخرى بقوله : ـ بل مرادهم ... إلخ ـ الّذي مرجعه إلى منع اعتبار التحريك الفعلي في الإرادة ، وكفاية التحريك في ظرف المراد ، ففي المراد الاستقبالي غير المحتاج إلى مقدمات تكون الإرادة وهي الشوق المؤكّد موجودة بدون التحريك الفعلي.
(١) ليكون التحريك الفعلي نحو مقدماته موجودا ، فعلى هذا تنفك الإرادة عن التحريك الفعلي نحو كلّ من المراد ومقدماته ، لفرض استقبالية المراد ، وعدم احتياجه إلى مقدمات.
(٢) تعليل لقوله : ـ هو الإرادة وإن لم يكن هناك فعلا تحريك ـ.
(٣) أي : تهيئة مئونة ، أو تمهيد مقدمة.
(٤) هذا ثاني الوجهين اللذين أجاب بهما المصنّف عن إشكال المحقق النهاوندي ، وملخصه : فساد مقايسة الإرادة التشريعية بالتكوينية ، لكون القياس مع الفارق.
توضيحه : أنّه لو سلّمنا امتناع الانفكاك في الإرادة التكوينية ، فلا بد من الالتزام بالانفكاك في الإرادة التشريعية ، وهي إرادة الفعل من الغير باختياره ، حيث إنّ المأمور لا ينبعث عن الأمر نحو المأمور به إلّا بعد تصوّر الأمر ، وما يترتب على موافقته ومخالفته من استحقاق المثوبة والعقوبة ، ليحصل له الداعي إلى الإتيان بالمأمور به ، فلا محالة يتأخّر الانبعاث الّذي هو ظرف الواجب عن زمان البعث ، ويتحقق الانفكاك بينهما.
(٥) تعليل لقوله : ـ لا يكاد يتعلق البعث إلّا بأمر متأخّر ... إلخ ـ ، وقد مرّ توضيحه.