لتستعمل ويقصد بها المعنى بما هو هو ، والحروف وضعت لتستعمل وتقصد بها معانيها بما هي آلة وحالة لمعاني المتعلقات ، فلحاظ الآلية كلحاظ الاستقلالية ليس من طوارئ المعنى ، بل من مشخّصات الاستعمال ، كما لا يخفى على أولى الدراية والنهي.
والطلب (*) المفاد من الهيئة المستعملة فيه مطلق قابل لأن يقيّد ، مع (١) أنّه لو سلم أنّه (٢) فرد ، فإنّما يمنع عن التقيد لو أنشأ أوّلا غير مقيّد ،
______________________________________________________
(١) هذا جواب آخر عمّا استدل به الشيخ على امتناع تقييد الهيئة ، وحاصله :
أنّه بعد تسليم وضع الهيئة لمعنى جزئي نقول : إنّ للتقييد معنيين :
أحدهما : إيجاد شيء مضيّقا ، نظير : ـ ضيّق فم الركية ـ.
والآخر : تضييق ما أوجد موسّعا. وبعبارة أخرى : تارة يكون لحاظ التقييد قبل الإنشاء ، كما إذا أنشأ الوجوب على الحج المقيّد بالاستطاعة ، وأخرى يكون لحاظه بعد الإنشاء ، كما إذا أنشأ وجوب الحج أوّلا ، ثم قيّده بالاستطاعة. والتقييد الممتنع هو الثاني ، لا الأوّل ، لأنّ التقييد من الخصوصيات المشخّصة للفرد ، فلا مانع من إنشاء الطلب بتلك الخصوصية.
فمحصل هذا الجواب : أنّ الطلب الخاصّ الّذي هو مفاد الهيئة لم يقيّد بشيء بعد إنشائه بالصيغة ، بل هو على حاله عند إنشائه من دون تغيّر وانقلاب.
نعم أنشأ ذلك مقيدا ، بمعنى : أنّ المتكلم تصوّر الطلب بجميع خصوصياته المقصودة له ، فأنشأه بالهيئة ، ودلّت القرينة على الخصوصية من باب تعدّد الدال والمدلول ، لا أنّه أنشأه مطلقا ، ثم قيده ، ولا محذور في هذا التقييد.
(٢) أي : الطلب المفاد من الهيئة ، والضمير في قوله : ـ مع أنه ـ للشأن.
__________________
والمطلوب ، والمطلوب منه ، وكانت الخصوصيات الزائدة من حالات الطلب ، وخارجة عمّا به تشخصه صحّ دعوى إطلاقه لحالاته ، كما هو الحال في الأعلام الشخصية ، فإنّ لفظ ـ زيد ـ مثلا وإن وضع لجزئيّ حقيقيّ ، لكنه مطلق بالنسبة إلى حالاته من العلم ، والعدالة ، وغيرهما.
(*) الأولى : تبديل الواو بالفاء ، لأنّه نتيجة ما أفاده ، كما لا يخفى.