القاعدة فيها لا تخلو : إمّا أن يكون المتقدم والمتأخر شرطاً للتكليف أو الوضع ، أو المأمور به.
أما الأول ، فكون أحدهما (١) شرطاً له ليس إلّا أنّ للحاظه دخلاً في تكليف
______________________________________________________
ما أفاده في دفع الإشكال هو : أنّ الشرط المتقدم أو المتأخر إمّا شرط للتكليف ، أو للوضع ، أو للمأمور به ، فالأقسام ستة حاصلة من ضرب الاثنين ـ وهما المتقدم والمتأخر ـ في الثلاثة.
أما الأول ـ وهو شرط التكليف سواء أكان متقدماً عليه كالاستطاعة التي هي شرط لوجوب الحج ، ومقدم عليه ، أو متأخراً عنه كاعتراف الماء من الإناءِ المغصوب ، أو تفريغه في ظرف مباح في صورة انحصار الماء المباح فيه بناءً على وجوب الوضوء من أوّل الوقت بشرط الاغتراف أو التفريغ في إناءٍ مباح ـ فالمراد بشرطيته هو : أنّ الشرط لحاظه وتصوُّره ، لا وجوده العيني ، كما هو ظاهر إطلاق الشرط في سائر الموارد ، وذلك لأنّ كل فعل اختياري ومنه التكليف معلول للإرادة التي لا تتعلق بوجود شيء إلّا للمصلحة الموجبة لترجّحه على عدمه ، وتلك المصلحة تارة تقوم بذات الشيء فقط ، وأُخرى به مضافاً إلى غيره المقارن له ، أو المتقدم عليه ، أو المتأخر عنه ، فلأجل دخل ذلك الغير في الصلاح الموجب لترجح الوجود على العدم يلاحظه المكلِّف ـ بالكسر ـ سواء أكان ذلك الغير مقارناً ، أم مقدماً ، أم مؤخّراً.
ومن المعلوم : أنّ التصور مقارن للتكليف ، وإنّما المتقدم أو المتأخر هو وجود الملحوظ خارجاً ، لا نفس اللحاظ المفروض كونه شرطاً ، فلا تنخرم القاعدة العقلية وهي استحالة انفكاك الأثر عن المؤثر ، وتأثير المعدوم في الوجود ، وانفكاك العلّة عن المعلول.
والحاصل : أنّ الشرط هو اللحاظ ، لا الوجود الخارجي ، وانخرام القاعدة إنّما يلزم في الثاني دون الأوّل ، لوضوح كون اللحاظ من الشرط المقارن ، لا من المتقدم أو المتأخّر.
(١) مرجع هذا الضمير وضمير ـ للحاظه ـ هو ـ المتقدم أو المتأخّر ـ ، ومرجع وضمير ـ له ـ التكليف.