لما علمت أنّها مبنيّة على اجتهاد ، وأنّه لم يكن له إلاّ أجر واحد ، لأنّ المجتهد إذا أخطأ لا ملام عليه ، ولا ذمّ يلحقه بسبب ذلك لأنّه معذور ، ولذا كتب له أجر.
وممّا يدلّ لفضله الدعاء له في الحديث الثاني بأن يعلّم ذلك ، ويوقى العذاب ، ولا شكّ أنّ دعاءه صلىاللهعليهوآلهوسلم مستجاب ، فعلمنا منه أنّه لا عقاب على معاوية فيما فعل من تلك الحروب بل له الأجر كما تقرّر ، وقد سمّى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فئته المسلمين ، وساواهم بفئة الحسن في وصف الإسلام ، فدلّ على بقاء حرمة الإسلام للفريقين ، وأنّهم لم يخرجوا بتلك الحروب عن الإسلام ، وأنّهم فيه على حدّ سواء ، فلا فسق ولا نقص يلحق أحدهما لما قرّرناه من أنّ كلاّ منهما متأوّل تأويلاً غير قطعيّ البطلان ، وفئة معاوية وإن كانت هي الباغية لكنّه بغي لا فسق به ، لأنّه إنّما صدر عن تأويل يعذر به أصحابه.
وتأمّلْ أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أخبر معاوية بأنّه يملك وأمره بالإحسان ، تجد في الحديث إشارة إلى صحّة خلافته ، وأنّها حقّ بعد تمامها له بنزول الحسن له عنها ، فإنّ أمره بالإحسان المترتّب على الملك يدلّ على حقيّة ملكه وخلافته ، وصحّة تصرّفه ونفوذ أفعاله من حيث صحّة الخلافة لا من حيث التغلّب ، لأنّ المتغلّب فاسق معاتب لا يستحقّ أن يبشّر ، ولا أن يؤمر بالإحسان فيما تغلّب عليه ، بل إنّما يستحقّ الزجر والمقت والإعلام بقبيح أفعاله وفساد أحواله ، فلو كان معاوية متغلّباً لأشار له صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى ذلك ، أو صرّح له به ، فلمّا لم يُشر له فضلاً على أن يصرّح إلاّ بما يدلّ على حقّية ما هو عليه علمنا أنّه بعد نزول الحسن له خليفة حقّ وإمام صدق. انتهى.
هذا نهاية جهد ابن حجر في الدفاع عن معاوية!!
قال الأميني : إنّ الكلام يقع على هذه الروايات من شتّى النواحي ألا وهي :
١ ـ النظر إلى شخصيّة معاوية ، وتصفّح كتاب نفسه المشحون بالمخازي ، ثم