وهِمّا (١) ، وأنت بالخيار في الأخذ بأيّ من النظريّتين : ما سبق لله ولرسوله وخلفائه وأصحابه المجتهدين العدول ، أو ما يقول هؤلاء الأبناء ومن شاكلهم من المتعسّفين الناحتين للرجل أعذاراً هي أفظع من جرائمه.
الأمر الثاني : ثاني الأمرين (٢) اللذين ينتهي إليهما دفاع ابن حجر عن معاوية ، قوله في الصواعق (٣) (ص ١٣٠) : فالحقّ ثبوت الخلافة لمعاوية من حينئذ وأنّه بعد ذلك خليفة حقّ وإمام صدق ، كيف؟ وقد أخرج الترمذي (٤) وحسّنه عن عبد الرحمن بن أبي عميرة الصحابي ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال لمعاوية : اللهمّ اجعله هادياً مهديّا.
وأخرج أحمد في مسنده (٥) عن العرباض بن سارية ، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : اللهمّ علّم معاوية الكتاب والحساب وقِهِ العذاب.
وأخرج (٦) ابن أبي شيبة في المصنّف ، والطبراني في الكبير عن عبد الملك بن عمير (٧) ، قال : قال معاوية : ما زلت أطمع في الخلافة مذ قال لي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا معاوية إذا ملكت فأحسن.
فتأمّل دعاء النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في الحديث الأوّل بأنّ الله يجعله هادياً مهديّا ، والحديث حسن كما علمت فهو ممّا يحتجّ به على فضل معاوية ، وأنّه لا ذمّ يلحقه بتلك الحروب
__________________
(١) الهِمّ : الشيخ الكبير.
(٢) وقد مرّ ذكر أوّلهما ص ٤٦٧.
(٣) الصواعق المحرقة : ص ٢١٨ ـ ٢١٩.
(٤) سنن الترمذي : ٥ / ٦٤٥ ح ٣٨٤٢.
(٥) مسند أحمد : ٥ / ١١١ ح ١٦٧٠٢.
(٦) المصنّف لابن أبي شيبة : ١١ / ١٤٨ ح ١٠٧٦٤ ، المعجم الكبير : ١٩ / ٣٦١ ح ٨٥٠.
(٧) في الأصل : عمر ، وصححناه كما في معجم الطبراني وابن أبي شيبة والتهذيب والثقات والعلل ومعرفة الرجال.