كان ضليعاً في العلوم كلّها ، فإن أحد منهم نال من إنسان من أولئك الظالمين فمن الحقّ ضربه وتأديبه ، أو تعذيبه وإقصاؤه ، أو التنكيل به وقتله ، ولا يؤبه باجتهاده المؤدّي إلى ذلك صواباً أو خطأ ، وعلى هذا عمل القوم منذ أوّل يوم أسّس أساس الظلم والجور ، وهلمّ جرّا حتى اليوم الحاضر. راجع معاجم السيرة والتاريخ فإنّها نعم الحكم الفصل ، وبين يديك كلمة ابن حجر في الصواعق (١) (ص ١٣٢) قال في لعن معاوية : وأمّا ما يستبيحه بعض المبتدعة من سبّه ولعنه فله فيه أُسوة ، أي أُسوة بالشيخين وعثمان وأكثر الصحابة ، فلا يُلتفت لذلك ، ولا يُعوّل عليه ، فإنّه لم يصدر إلاّ من قوم حمقى ، جهلاء ، أغبياء ، طغاة ، لا يبالي الله بهم في أيّ وادٍ هلكوا ، فلعنهم الله وخذلهم ، أقبح اللعنة والخذلان ، وأقام على رءوسهم من سيوف أهل السنّة وحججهم المؤيّدة بأوضح الدلائل والبرهان ما يقمعهم عن الخوض في تنقيص أولئك الأئمة الأعيان. انتهى.
أتعلم من لعن ابن حجر؟ وإلى من تتوجّه هذه القوارص؟ انظر إلى حديث لعن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم معاوية ، وأحاديث لعن عليّ أمير المؤمنين ، وقنوته بذلك في صلواته ، ولعن ابن عبّاس ، وعمّار ، ومحمد بن أبي بكر ، ودعاء أمّ المؤمنين عائشة عليه في دبر الصلاة ، وآخرين من الصحابة ، إقرأ واحكم!!
الاجتهاد ما ذا هو؟ :
وممّا يجب أن يبحث في المقام هو أن يفهم معنى الاجتهاد ، الذي توسّعوا فيه ، حتى سُفكت الدماء من أجله وأُبيحت ، وغصبت الفروج وانتهكت المحارم ، وغُيّرت الأحكام من جرّائه ، وكاد أن يكون توسّعهم فيه أن يردّ الشريعة بدءاً إلى عقب ، ويفصم عروة الدين ، ويقطع حبله.
__________________
(١) الصواعق المحرقة : ص ٢١٩.