فالدليل عليه قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لعمّار : «تقتلك الفئة الباغية». ولا خلاف أنّه كان مع عليّ وقتله أصحاب معاوية ، قال إمام الحرمين في كتاب الإرشاد : وعليّ رضى الله عنه كان إماماً حقّا في ولايته ، ومقاتلوه بغاة ، وحسن الظن بهم يقتضي أن يظنّ بهم قصد الخير وإن أخطأوه ، وأجمعوا على أنّ عليّا كان مصيباً في قتال أهل الجمل ، وهم طلحة ، والزبير ، وعائشة ، ومن معهم ، وأهل صفّين ، وهم معاوية وعسكره ، وقد أظهرت عائشة الندم (١). انتهى.
وحقّا قالت عائشة : ما رأيت مثل ما رغبت عنه هذه الأُمّة من هذه الآية : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا) (٢) وأمّ المؤمنين هي أوّل من رغبت عن هذه الآية ، وضيّعت حكمها ، وخالفتها وخرجت من عقر دارها ، وتركت خدرها ، وتبرّجت تبرّج الجاهليّة الأولى ، وحاربت إمام زمانها ، ولعلّها ندمت وبكت حتى بلّت خمارها ، ولمّا ...
ومن هنا وهناك كان مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام يوجب قتال أهل الشام ، ويقول : «لم أجد بدّا من قتالهم ، أو الكفر بما أُنزل على محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم» وفي لفظ : «ما هو إلاّ
__________________
(١) هكذا حكاه الزيلعي عن الإرشاد وأنت تجده محرّفاً عند الطبع ، راجع الإرشاد : ص ٤٣٣ [ص ٣٦٥]. (المؤلف) [وقال المناوي في فيض القدير شرح الجامع الصغير : ٦ / ٣٦٥ ـ ٣٦٦ ، في تعليقه على الحديث : ويح عمار تقتله الفئة الباغية ما نصّه : وهذا صريح في بغي طائفة معاوية الّذين قتلوا عماراً في وقعة صفّين ، وأنّ الحق مع عليّ وهو من الإخبار بالمغيّبات ... وهذا الحديث من أثبت الأحاديث وأصحّها ، ولما لم يقدر معاوية على إنكاره قال : إنما قتله من أخرجه. فأجابه عليّ عليهالسلام : بأن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذن قتل حمزة حين أخرجه. وقال الإمام الجرجاني في كتاب الإمامة : أجمع فقهاء الحجاز والعراق من فريقي الحديث والرأي منهم : مالك والشافعي وأبو حنيفة والأوزاعي والجمهور الأعظم من المتكلمين والمسلمين أنّ علياً مصيب في قتاله لأهل صفّين كما هو مصيب في أهل الجمل ، وأنّ الذين قاتلوه بغاة ظالمون].
(٢) السنن الكبرى للبيهقي : ٨ / ١٧٢ ، مستدرك الحاكم : ٢ / ١٥٦ [٢ / ١٦٨ ح ٢٦٦٤]. (المؤلف)