الكفر بما نزل على محمد ، أو قتال القوم» (١).
وكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يأمر وجوه أصحابه كأمير المؤمنين ، وأبي أيّوب الأنصاري ، وعمّار بن ياسر ، بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين ، وقد مرّت أحاديثه في الجزء الثالث (ص ١٩٢ ـ ١٩٥) وكان من المتّفق عليه عند السلف أنّ القاسطين هم أصحاب معاوية.
فبأيّ حجّة ولو كانت داحضة ، كان معاوية الذي يجب قتله وقتاله يستسيغ محاربة عليّ أمير المؤمنين؟ وبين يديه كتاب الله وسنّة نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم إن كان ممّن يقتصّ أثرهما ، وفي الذكر الحكيم قوله سبحانه : (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) (٢) (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) (٣) (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٤) (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (٥).
فلم يكن القتال أوّل فاصل لنزاع الأُمّة قبل الرجوع إلى محكمات الكتاب ، وما فيه فصل الخطاب من السنّة المباركة ، ولذلك كان مولانا أمير المؤمنين يُتمّ عليهم الحجّة بكتابه وخطابه ، منذ بدء الأمر برفع الخصومه إلى الكتاب الكريم وهو عدله ، وكان يخاطب وفد معاوية ويقول : «ألا إنّي أدعوكم إلى كتاب الله عزّ وجلّ وسنّة نبيّه».
تاريخ الطبري (٦) (٦ / ٤).
ومن كتاب له عليهالسلام إلى معاوية ومن قبله من قريش قوله : «ألا وإنّي أدعوكم
__________________
(١) نهج البلاغة : ١ / ٩٤ [ص ٨٤ خطبة ٤٣] ، كتاب صفّين : ٥٤٢ [ص ٤٧٤] ، مستدرك الحاكم : ٣ / ١١٥ [٣ / ١٢٤ ح ٤٥٩٧] ، الشفا للقاضي عياض ، شرح ابن أبي الحديد : ١ / ١٨٣ [٢ / ٢٠٨ خطبة ٣٥] ، البحر الزخّار : ٥ / ٤١٥ [٦ / ٤١٥]. (المؤلف)
(٢) النساء : ٥٩.
(٣) المائدة : ٤٤ و ٤٥ و ٤٧.
(٤) المائدة : ٤٤ و ٤٥ و ٤٧.
(٥) المائدة : ٤٤ و ٤٥ و ٤٧.
(٦) تاريخ الأُمم والملوك : ٥ / ٨ حوادث سنة ٣٧ ه.