بالكوفة خاصّة وفي أرجاء المملكة عامّة ، وأمّا أذاه المعكّر لصفو حياة شيعة آل الله فحدّث عنه ولا حرج ، وسنعرّفك معاوية بعُجره وبُجره على ما يستحقّ.
ثمّ نسائل الرواة عن الأمانة التي استحقّ بها معاوية أن يكون ثالثاً للنبيّ وجبرئيل ، أو سابعاً له صلىاللهعليهوآلهوسلم وأُمناء الله الخمسة المذكورة في الرواية ال (٢١) : أهي أمانته على الكتاب وقد خالفه؟ أم على السنّة ولم يعمل بها؟ أم على الدماء وقد أراقها؟ أم على العترة الطاهرة وقد اضطهدها؟ أم على أمن الأمّة وقد أقلقه؟ أم على الصدق وقد باينه؟ أم على المين وقد حثَّ عليه؟ أم على المؤمنين وقد قطع أوصالهم؟ أم على الإسلام وقد ضيّعه؟ أم على الأحكام وقد بدّلها؟ أم على الأعواد وقد شوّهها بلعن أولياء الله المقرّبين عليها؟ أم؟ أم؟ أم؟
أبهذه المخازي مع لداتها كاد أن يُبعث معاوية نبيّا كما اختلقته رواة السوء؟ زه بهذه النبوّة التي يكاد أن يكون مثل هذا الرجل حاملاً لأعبائها!
قد خم ريش سفيد أشك دما دم يحيى |
|
تو به اين حالت اگر عشق نبازى چه شود |
وشتّان بين هذه الرواية وإنكارهم على ابن حبّان قوله : النبوّة : العلم والعمل. فحكموا عليه بالزندقة ، وهُجر وكُتب فيه إلى الخليفة فكتب بقتله (١) ، وذلك أنّ النبوّة موهبة من الله تعالى لمن اصطفاه من عباده ، والله يعلم حيث يجعل رسالته ، ولا حيلة للبشر في اكتسابها أبداً وإن بلغ من العلم والعمل أيّ مرتبة رابية.
وليت رواة السوء كانوا قد أجمعوا آراءهم على حديث الأرز. ولم يعدوه ، ولم يهبوا النبوّة لمثل معاوية ، وكان فيه غنىً وكفاية في عرفان النبوّة وفضلها وهو :
لو كان الأرز حيواناً لكان آدميّا ، ولو كان آدميّا لكان رجلاً صالحاً ، ولو كان
__________________
(١) تذكرة الحفّاظ : ٣ / ١٣٧ [٣ / ٩٢٢ رقم ٨٧٩]. (المؤلف)