وفيه : يستحب أن يزور شهداء جبل أُحد ؛ لما روى ابن أبي شيبة : أنَّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يأتي قبور الشهداء بأُحد على رأس كلّ حول ، فيقول : «السلام عليكم بما صَبَرتم فنعمَ عقبى الدار». والأفضل أن يكون ذلك يوم الخميس متطهّراً مبكّراً ؛ لئلاّ تفوته الظهر بالمسجد النبويّ. انتهى.
قلت : استفيد منه ندب الزيارة وإن بَعُد محلّها. وهل تندب الرحلة لها كما اعتيد من الرحلة إلى زيارة خليل الرحمن وأهله وأولاده ، وزيارة السيّد البدوي وغيره من الأكابر الكرام؟ لم أرَ من صرّح به من أئمّتنا ، ومنع منه بعض الشافعيّة إلاّ لزيارته صلىاللهعليهوآلهوسلم قياساً على منع الرحلة لغير المساجد الثلاث ، وردّه الغزالي بوضوح الفرق.
ثمّ ذكر محصَّل قول الغزالي فقال : قال ابن حجر في فتاواه : ولا تُترك لما يحصل عندها من منكرات ومفاسد كاختلاط الرجال بالنساء وغير ذلك ؛ لأنَّ القربات لا تُترك لمثل ذلك ، بل على الإنسان فعلها وإنكار البدع ، بل وإزالتها إن أمكن. انتهى. قلت : ويؤيّده ما مرَّ من عدم ترك اتّباع الجنازة وإن كان معها نساء ونائحات ـ إلى أن قال ـ :
قال في الفتح : والسنّة زيارتها قائماً والدعاء عندها قائماً ، كما كان يفعله صلىاللهعليهوآلهوسلم في الخروج إلى البقيع ، ويقول : «السلام عليكم دار قوم مؤمنين ، وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون». وفي شرح اللباب للملاّ عليّ القاري : ثمّ من آداب الزيارة ما قالوا من أنَّه يأتي الزائر من قِبل رِجلي المتوفّى لا من قِبَل رأسه ؛ لأنَّه أتعب لبصر الميّت ، بخلاف الأوّل لأنّه يكون مقابل بصره ، لكن هذا إذا أمكنه ، وإلاّ فقد ثبت أنّه ـ عليه الصلاة والسلام ـ قرأ أوّل سورة البقرة عند رأس ميّت وآخرها عند رجليه.
٩ ـ قال الشيخ إبراهيم الباجوري المتوفّى (١٢٧٧) في حاشيته على شرح ابن الغزّي (١ / ٢٧٧) : تندب زيارة القبور للرجال لتذكّر الآخرة ، وتكره من النساء لجزعهنّ