القواديسي تشبيهاً بالقواديس السانية ؛ لارتفاع بعض قوافيه في جهةٍ وانخفاضها في الجهة الأخرى ، فأوّل من رأيته جاء به طلحة بن عبيد الله العوني في قوله ـ وهي من قصيدة له مشهورة طويلة :
كم للدمى الأبكار بال |
|
ـجنتينِ من منازلِ |
بمهجتي للوجدِ من |
|
تذكارِها منازلُ |
معاهدٌ رعيلُها |
|
مثعنجرُ الهواطلِ (١) |
لمّا نأى ساكنها |
|
فأدمعي هواطلُ |
وللعوني معاني فخمة في شعره استحسنها معاصروه ومن بعده ، فحذوا حذوه في صياغة تلك المعاني ، لكنّ الحقيقة تشهد بأنّ الفضل لمن سبق. قال أبو سعيد محمد ابن أحمد العبيدي في الإبانة عن سرقات المتنبّي (ص ٢٢) : قال العوني :
مضى الربيعُ وجاءَ الصيفُ يقدمُه |
|
جيشٌ من الحرِّ يرمي الأرضَ بالشررِ |
كأنّ بالجو ما بي من جوىً وهوىً |
|
ومن شحوبٍ فلا يخلو من الكدرِ |
قال المتنبّي المقتول (٣٥٤):
كأنّ الجوّ قاسى ما أقاسي
فصار سوادُهُ فيهِ شحوبا (٢)
وقال في (ص ٦٤) : قال العوني :
يا صاحبيَّ بعُدْتما فتركتُما |
|
قلبي رهينَ صبابةٍ ونصابِ |
أبكي وفاءَكما وعهدَكما كما |
|
يبكي المحبُّ معاهدَ الأحبابِ |
__________________
(١) إثعنجر الماء : سال.
(٢) من قصيدة (٤٢) بيتاً توجد في ديوانه : ١ / ٩٨ [١ / ٢٦٧] يمدح بها عليّ بن محمد التميمي. (المؤلف)