ومما جمع فيه التمييز على مثال الكثرة ، وإن كان له مثال قلة : ثلاثة قروء ، مع أن له (أقراء) ، ومنه في الحديث : «دعي الصلاة أيام أقرائك» (١).
ولم تقل العرب : ثلاثة أقراء ، كأنهم استغنوا بجمع الكثرة عن جمع القلة.
قال المؤلف : لأن واحده (قرء) ، وجمع مثله على (أفعال) شاذ. فترك مخالفته القياس.
وكذلك : شسع ، قالوا : ثلاثة شسوع ، مع أن له أشساعا ، وجمع مثله على (أقفال) مطرد ، إلا أن أكثر العرب يستغنون بشسوع عن أشساع ، فعدل عن جمع القلة لذلك.
وكذلك : أربعة شهداء ، عدل عن (أشهاد) فأوثر عليه مع أن أفعالا يجمع عليه ، مثل : شاهد ، وشهيد ، ك : شراق ، وإشراق ، وصاحب ، وأصحاب.
فقد تقرر من هذا كله : أن الإتيان بجمع القلة هو الأكثر ، والإتيان بجمع الكثرة قليل ، ووجه التفسير بجمع الكثرة وجهان :
أحدهما : أن يكون من إضافة الشيء إلى جنسه ، فهي من الإضافة التي على تقدير : «من».
والثاني : أن يكون من إضافة الجزء إلى الجملة ، فهي من الإضافة التي بمعنى اللام ...
وقال «الشاطبي» عند قوله :
أفعلة أفعل ثمّ فعله |
|
ثمّت أفعال جموع قلّه |
وبعض ذي بكثرة وضعا يفي |
|
كأرجل والعكس جاء كالصّفي |
__________________
(١) أخرجه «أبو داود» في «سننه» في (كتاب الطهارة ـ باب في المرأة تستحاض ، ومن قال : تدع الصلاة في عدة الأيام التي كانت تحيض) ٢ : ٧٣. و «ابن ماجه» في «سننه» في (كتاب الطهارة ـ باب ما جاء في المستحاضة التي قد عدت أيام إقرائها قبل أن يستمر بها الدم) ١ : ١١٥ بلفظ : «المستحاضة تدع الصلاة أيّام أقرائها ، ثم تغتسل وتتوضأ لكل صلاة ، وتصوم وتصلّي»
أما الحديث بلفظ : «دعي الصلاة أيام أقرائك» فقد ذكره «ابن حجر» في «التلخيص الحبير» ١ : ١٨٠ وتكلم عنه. وانظر «كنز العمال» ٩ : ٤١٠ ، ٤١٣.