الأولى في إثبات فصيح اللغة كلام النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لأنه أفصح العرب.
قال (١) : «وابن خروف يستشهد بالحديث كثيرا ، فإن كان على وجه
__________________
(١) جاء في «أصول التفكير النحوي» ١٣٩ : لم يحسن «السيوطي» في «الاقتراح» : ٥٤ ، النقل عن «ابن الضائع» ، فذكر أنه قال : «قال ابن خروف : يستشهد بالحديث كثيرا ، فإن كان على وجه الاستظهار والتبرك بالمروي فحسن ، وإن كان يرى أن من قبله أغفل شيئا وجب عليه استدراكه فليس كما رأى» فجعل «ابن خروف» من المنكرين حجية الحديث ... وهذا غير صحيح ، فإن «ابن خروف» ممن يحتجون بالحديث ، فكيف يأخذ على «ابن مالك» الاحتجاج به؟ وسر هذا الخطأ الفادح الذي وقع فيه «السيوطي» أنه أسقط حرفا من نص «ابن الضائع» ، فأساء الفهم والحكم جميعا ، إذ صحة النص هي : «قال ـ أي : ابن الضائع ـ : وابن خروف يستشهد بالحديث كثيرا» وعلى هذا فإن ما قرره النص من حكم على هذا الاستشهاد ليس صادرا من «ابن خروف» ، وإنما يعود إلى «ابن الضائع».
وجاء في الذيل : وقد تبع «السيوطيّ» في خطئه «ابن علان» ا ه.
(أقول) : لعل إسقاط الحرف حاصل من النساخ ، لأن مثل هذا لا يغيب عن «السيوطي» ، كما أن النساخ يقع منهم التصحيف والتحريف والإسقاط كثيرا. هذا في حالة تسليمي بخطأ العبارة. ولكنني أجزم بصحة عبارة «السيوطي» ، وهذه عبارته : «قال أبو الحسن ابن الضائع ... قال : وابن خروف يستشهد بالحديث كثيرا» ا ه ودليلي على سلامة العبارة : أننا نعرب «ابن» : مبتدأ ، لا فاعلا لـ «قال» ، وجملة «يستشهد» : خبرا. وفاعل «قال» ضمير يعود على «ابن الضائع». وبذلك فلا غبار على العبارة.
وجاء في «أصول التفكير النحوي» ص ١٣٩ ، ١٤٠ نصّان غلطان أيضا ، النص الأول هو :
«جعل ابن خروف من المنكرين حجية الحديث ، الذين يأخذون على ابن مالك الاحتجاج به ...».
والنص الثاني هو : «... على رأس المجيزين ابن مالك والرضي ... وقد تبع هذين الشيخين من الأعلام كثير ، منهم : ابن خروف» .. أقول : هاتان العبارتان غير صحيحتين ، لأن «ابن خروف» لا يعقل أن يأخذ على «ابن مالك» احتجاجه بالحديث ، ولا أن يتبعه ؛ لأن «ابن خروف» توفي سنة ٦٠٩ ه و «ابن مالك» ولد سنة ٦٠٠ ه ، وتوفي سنة ٦٧٢ ه ، وكذلك لا يعقل أن يتبع «ابن خروف» «الرضيّ» ؛ لأنه توفي سنة ٦٨٦ ه ، فكيف يتصوّر متابعته لهما ، ولا بد من وجود المتبوع قبل وجود التابع ، و «ابن مالك» و «الرضي» لا وجود لهما في عالم النحو في حياة «ابن خروف» ، وقد قال «أبو إسحاق الشاطبيّ» : «... ابن مالك لم يفصّل هذا التفصيل الضروري الذي لا بد منه ، وبني الكلام على الحديث مطلقا ، ولا أعرف له سلفا إلا ابن خروف ، فإنه أتى بأحاديث في بعض المسائل ...». والله أعلم.