إلّا شغفا وغراما وظمأ في هواجر الطّلب وأواما فانتصبت (١) لشرح الكتاب على وفق مقترحهم ثانيا ، ولعنان العناية نحو اختصار الأوّل ثانيا (٢). مع جمود القريحة (٣) بصرّ البليّات ، وخمود الفطنة بصرصر النّكبات وترامى البلدان (٤) بي والأقطار
______________________________________________________
والمعنى ما زادتهم إجابتي عن طلبهم إلّا الحبّ والحرص والعطش فكما تكون شدّة الحرّ عند الهواجر ، كذلك تكون الشّدة في الطّلب عند مدافعتي عن طلبهم.
(١) أي قمت وشرعت لشرح التّلخيص على وفق مطلوبهم «ثانيا» أي انتصابا ثانيا. أو شرحا ثانيا.
وعلى التّقديرين يكون قوله : «ثانيا» صفة للموصوف المقدّر ويحتمل أن يكون ظرفا فالمعنى حينئذ. انتصبت لشرح ذلك الكتاب في زمن ثان.
(٢) قوله : «ولعنان العناية» عطف على قوله : «لشرح» واللّام بمعنى الباء والعنان هو زمام الدّابة ولجامها «والعناية» بمعنى الهمّة والإرادة و «نحو» بمعنى الجهة والجانب متعلّق ب «العناية» و «ثانيا» الثّاني أيضا متعلّق بالعناية كما أنّ «ثانيا» الأوّل متعلّق بالانتصاب أو الشّرح والحاصل أنّ «ثانيا» الثّاني ثاني الإرادة «وثانيا» الأوّل ثاني الشّروع في الشّرح مباشرة والمعنى شرعت لشرح التّلخيص على وفق مطلوبهم ثانيا واعتصمت بعنان الهمّة والإرادة ثانيا ، أي قمت وشرعت في الشّرح ثانيا مباشرة بعد ما أردته ثانيا. لأنّ إرادة الشّرح مقدم على الشّروع فيه مباشرة.
(٣) المراد بالقريحة هنا هي الطّبيعة والعقل وجمودها عبارة عن عدم انبساطها في الدّرك. والصّر بالكسر عبارة عن البرد الشّديد الّذي يضرّ بالنّباتات والحرث. و «البليّات» جمع البليّة بمعنى مطلق الآفة «وخمود الفطنة» كناية عن قلّة الحذاقة والفهم و «صرصر» بمعنى ريح شديدة الصّوت و «النّكبات» بمعنى المصائب وحوادث الدّهر ، والمعنى شرعت لشرح التّلخيص ثانيا مع عدم انبساط العقل في الدّرك بسبب البليّات الّتي هي كالصّرصر ، ومع قلّة الفهم بسبب المصائب وحوادث الدّهر الشّبيهة بالرّيح الشّديدة العاصفة.
(٤) «البلدان» جمع البلد ، والمعنى مع رمي كلّ بلد بي إلى آخر والآخر إلى الآخر وهو كناية عن عدم استقراره في محلّ واحد وتلبّسه بالأسفار ، والأقطار جمع القطر بمعنى النّاحية والجانب ، والمقصود به هنا مجموعة بلاد كثيرة.