المضمرة ترجع على (الذي) ، فإن قلت : (الذي ما هو أكرمت زيد) في قول من جعل (هو) مجهولا جاز ؛ لأن الإضمار يرجع على (الذي) وتقول : (الذي كنت أكرمت عبد الله) تريد أكرمته.
وتقول : (الذي أكرمت ورجلا صالحا عبد الله) تريد : أكرمته وعطفت على الهاء والأحسن عندي أن تظهر الهاء إذا عطفت عليها وتقول : (الذي محسنا ظننت أخوك) تريد :ظننته ومحسنا مفعول ثان فإذا قلت : (الذي محسنا ظننت وعبد الله أخوك) قلت : محسنين لأنك تريد : الذي ظننته وعبد الله محسنين.
وأجاز الفراء : (ما خلا أخاه سار الناس عبد الله) تريد : الذي سار الناس ما خلا أخاه عبد الله.
ويقول : الذي قياما ليقومن عبد الله تريد : (الذي ليقومن قياما عبد الله) وكذلك : (الذي عبد الله ليضربن محمد) ورد بعض أهل النحو (الذي ليقومن زيد) فيما حكى الفراء وقال فاحتججنا عليه بقوله : (وإنّ منكم لمن ليبطئن) ، وإذا قلت : (الذي ظنّك زيدا منطلقا عبد الله) فهو خطأ ؛ لأنه لم يعد على الذي ذكره ، وإذا قلت : (الذي ظنك زيدا إياه عبد الله) فهو خطأ أيضا ؛ لأنه لا خبر للظن وهو مبتدأ ، فإن قلت : (الذي ظنك زيدا إياه صواب عبد الله) جاز ؛ لأن الذكر قد عاد على (الذي) وقد جاء الظن بخبر ولا يجوز أن تقول : (الذي مررت زيد) تريد : (مررت به زيد) كما بينت فيما تقدم.
ويجوز : (الذي مررت ممر حسن) ؛ لأن كل فعل يتعدى إلى مصدره بغير حرف جر و (الذي) هنا هي المصدر في المعنى ولك أن تقول : (الذي مررته ممر حسن) وقال الفراء : لا إضمار هنا ؛ لأنه مصدر كأنك قلت : (ممرك ممر حسن) واحتج بقول الله عز وجل : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ) [الحجر : ٩٤] وقال : لا إضمار هنا ؛ لأنه في مذهب المصدر وكذاك : (وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) [الليل : ٣] لم يعد على (ما) ذكر ؛ لأنه في مذهب المصدر.
قال أبو بكر : أما قوله في (ما) ففيها خلاف من النحويين من يقول : أنها وما بعدها قد يكون بمعنى المصدر.