واعلم أن الذي حكي من قولهم : لولاي ولو لا شيء شذ عن القياس كان عند شيخنا يجري مجرى الغلط والكلام الفصيح ما جاء به القرآن : لو لا أنت.
كما قال عز وجل : (لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ) [سبأ : ٣١] والذين قالوا : لولاك ولولاي قالوا : لأنها أسماء مبنية يؤكد المرفوع منها المخفوض فكأنهم إنما يقتصرون العبارة عن المتكلم والمخاطب والغائب لا بأي لفظ كان ؛ لأنه غير ملبس ولكنهم لا يجعلون غائبا مكان مخاطب لا يقولون : لولاه مكان لولاك فأما قولهم : عساك فالكاف منصوبة لأنك تقول : عساني فعساك مثل رماك وعساني مثل رماني.
واعلم أن علامة الإضمار قد ترد أشياء إلى أصولها فمن ذلك قولك : لعبد الله مال ثم تقول : لك وله إنما كسرت مع الظاهر في قولك لزيد مال كيلا يلتبس بلام الابتداء إذا قلت :لهذا أفضل منك ألا تراهم قالوا : يا لبكر حين أمنوا الالتباس فمن ذلك : أعطيكموه في قول من قال : أعطيتكم ذاك فأسكن ردوه بالإضمار إلى أصله كما ردوا بالألف واللام حين قالوا : أعطيتكموه اليوم فكان الذين وقفوا بإسكان الميم كرهوا الوقف على الواو.
فلما وصلوا زال ما كرهوا فردوا وزعم يونس أنه يقول : أعطيتكمه بإسكان الميم كما قال في الظاهر أعطيتكم زيدا.
واعلم أنّ أنت وأنا ونحن وأخواتهن يكن فصلا ومعنى الفصل أنهن يدخلن زوائد على المبتدأ المعرفة وخبره وما كان بمنزلة الابتداء والخبر ليؤذن بأن الخبر معرفة أو بمنزلة المعرفة ولا يكون الفصل إلا ما يصلح أن يكون كناية عن الاسم المذكور فأما ما الخبر فيه معرفة واضحة فنحو قولك : زيد هو العاقل وكان زيد هو العاقل ، وأما ما الخبر فيه يقرب من المعرفة إذا أردت المعرفة وكان على لفظه فنحو قولك حسبت زيدا هو خيرا منك وكان زيد هو خيرا منك وتقول : إن زيدا هو الظريف فيكون فصل ، وإن زيدا هو الظريف وتقول : إن كان زيد لهو الظريف ، وإن كنا لنحن هي (نا) في كنا ولو قلت كان زيد أنت خيرا منه لم يجز أن تجعل أنت فصلا ؛ لأن أنت غير زيد ، فإن قلت : كنت أنت خيرا من زيد جاز أن يكون فصلا وأن يكون تأكيدا فجميع هذه لمسائل الاسم فيها معرفة والخبر معرفة أو قريب منها مما لا يجوز أن يدخل