باب التمييز
الأسماء التي تنتصب بالتمييز (١) والعامل فيها فعل أو معنى فعل والمفعول هو فاعل في المعنى ، وذلك قولك : قد تفقا زيد شحما وتصبب عرقا وطبت بذلك نفسا وامتلأ الإناء ماء وضقت به ذرعا فالماء هو الذي ملأ الإناء والنفس هي التي طابت والعرق هو الذي تصبب فلفظه لفظ المفعول وهو في المعنى فاعل.
وكذلك : ما جاء في معنى الفعل وقام مقامه نحو قولك : زيد أفرهم عبدا وهو أحسنهم وجها فالفاره في الحقيقة هو العبد والحسن هو الوجه إلا أن قولك : أفره وأحسن في اللفظ لزيد وفيه ضميره والعبد غير زيد والوجه إنما هو بعضه إلا أن الحسن في الحقيقة للوجه والفراهة للعبد فإذا قلت : أنت أفره العبيد فأضفت فقد قدمته على العبيد ولا بدّ من أن يكون إذا أضفته واحدا منهم.
فإذا قلت : أنت أفره عبد في الناس فمعناه : أنت أفره من كل عبد إذا أفردوا عبدا عبدا كما تقول : هذا خير إثنين في الناس أي : إذا كان الناس اثنين اثنين.
واعلم أن الأسماء التي تنصب على التمييز لا تكون إلا نكرات تدل على الأجناس (٢) وأن العوامل فيها إذا كن أفعالا أو في معاني الأفعال كنت بالخيار في الاسم المميز إن شئت جمعته ،
__________________
(١) هو : ما يرفع الإبهام المستقرّ عن ذات مذكورة ، نكرة بمعنى من وهو مفرد ، أو نسبة وهو الجملة. انظر شرح ابن عقيل ٢ / ٢٨٦.
(٢) الاسم المفرد المبهم : هو أربعة أنواع :
(١) العدد : نحو "أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً" (الآية : ٤ سورة يوسف). وفي بحث "العدد" الكلام عليه مفصّلا. (العدد).
(٢) المقدار : وهو ما يعرف به كمّيّة الأشياء ، وذلك : إمّا "مساحة" ك "ذراع أرضا" أو "كيل" ك "مد قمحا" و "صاع تمرا" أو "وزن "ك" رطل سمنا" ونحو قولك : " ما في السّماء موضع كفّ سحابا" و" لي مثله كتابا" و" على الأرض مثلها ماء". و" ما في النّاس مثله فارسا". ونحو : " ملء الإناء عسلا" ومنه قوله تعالى :