مسائل من هذا الباب
قال أبو العباس : قال سيبويه : تصرف رجلا سميته قيل أورد اللتين تقديرهما فعل فقيل له : لم صرفتهما وفعل لا ينصرف في المعرفة ؛ لأنه مثال لا تكون عليه الأسماء فقال : لما سكنت عيناهما ذهب ذلك البناء وصارا بمنزلة فعل وفعل قيل له : فكيف تزعم أنك إذا قلت لقضو الرجل ثم أسكنت على قول من قال في عضد عضد قلت : لقضو الرجل ولم ترد الياء ، وإن كانت الضمة قد ذهبت لأنك زعمت تنويها وأنك لم تبنها على (فعل) ولكنك أسكنتها من (فعل) فذلك البناء في نيتك وكذلك تقول في (ضوء) كما ترى إذا خففت الهمزة (ضو) فأثبت واوا طرفا وقبلها حركة ومثل هذا لا يكون في الكلام فقلت : إنما جاز هذا ؛ لأن حركتها إنما هي حركة الهمز لأنها الأصل فهي في النية واشباه هذا كثير فلم لم تترك الصرف في قيل وردّ اللتين هما فعل ؛ لأن الإسكان عارض والحركات في النية قال : فالجواب في ذلك أنه حين قال لقضو الرجل فأسكن الضاد إنما سكنها من شيء مستعمل يتكلم به فالإسكان فيه عارض ؛ لأن قولهم المستعمل إنما هو لقضو ثم يسكنون وكذلك الهمزة المخففة إنما المستعمل إثباتها ثم تخفف استثقالا فيقولون : ضو وقضو استخفافا ، وأما قيل وردّ فلا يستعمل الأصل منهما البتة لا يقال : قول ثم يخفف ولا ردد فهذا يجري مجرى ما لا أصل له إلا ما يستعمل.
ولذلك قالوا في تصغير سماء سمية ؛ لأن هذه الياء لا يستعمل إلا حذفها فلذلك دخلت الهاء وصارت بمنزلة ما أصله الثلاثة وقياس هذا القول أنك إذا سميت رجلا : (ضرب) ثم أسكنت فقلت ضرب لم تصرفه ؛ لأن الأصل يستعمل ، وإن أسكنت فقلت (ضرب) التي هي فعل ثم سميت بها مسكنة وجب أن تصرف ؛ لأن الأصل لم يقع في الاسم قط وأنه لم يسم به إلا مسكنا والدليل على ذلك أنهم إذا سموا رجلا جيأل ثم خففوا الهمزة قالوا : جمل ولم يصرفوه وقال : سئل التوزي وروي عن أبي عبيدة أنه يقال للفرس الذكر لكع والأنثى لكعة فهل ينصرف لكع على هذا القول فالجواب في ذلك : أن لكعا هذه تنصرف في المعرفة ؛ لأنه ليس ذلك المعدول الذي يقال للمؤنث منه (لكاع) ولكنه بمنزلة : حطم ، وإن كان حطم صفة ؛