شرح الرابع من المنصوبات وهو المفعول له
اعلم أن المفعول له (١) لا يكون إلا مصدرا ولكن العامل فيه فعل غير مشتق منه وإنما يذكر ؛ لأنه عذر لوقوع الأمر نحو قولك : فعلت ذاك حذار الشر وجئتك مخافة فلان (فجئتك) غير مشتق من (مخافة) فليس انتصابه هنا انتصاب المصدر بفعله الذي هو مشتق منه نحو (خفتك) مأخوذة من مخافة وجئتك ليست مأخوذة من مخافة فلما كان ليس منه أشبه المفعول به الذي ليس بينه وبين الفعل نسب.
قال سيبويه : إن هذا كله ينتصب ؛ لأنه مفعول له كأنه قيل له : لم فعلت كذا وكذا فقال :لكذا وكذا ولكنه لما طرح اللام عمل فيه ما قبله ومن ذلك : فعلت ذاك أجل كذا وكذا وصنعت ذلك ادخار فلان ، قال حاتم :
وأغفر عوراء الكريم ادّخاره |
|
وأصفح عن شتم اللّئيم تكرّما (٢) |
__________________
(١) قال ابن هشام : هو المصدر الفضلة المعلّل لحدث شاركه في الزّمان والفاعل ك قمت اجلالا لك ويجوز فيه أن يجرّ بحرف التّعليل ويجب في معلّل فقد شرطا أن يجرّ باللام أو نائبها
وأقول الثالث من المنصوبات المفعول له ويسمى المفعول لأجله والمفعول من أجله
وهو ما اجتمع فيه أربعة أمور أحدها أن يكون مصدرا والثاني أن يكون مذكورا للتعليل والثالث أن يكون المعلّل به حدثا مشاركا له في الزمان والرابع أن يكون مشاركا له في الفاعل
مثال ذلك قوله تعالى (يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ) فالحذر مصدر مستوف لما ذكرنا فلذلك انتصب على المفعول له والمعنى لأجل حذر الموت
ومتى دلّت الكلمة على التعليل وفقد منها شرط من الشروط الباقية. انظر شرح شذور الذهب ١ / ٢٩٥.
(٢) أنواع المفعول لأجله المستوفي الشّروط ، فهو :
(١) إمّا أن يكون مجرّدا من" أل والإضافة".
(٢) أو مقرونا ب" أل".
(٣) أو" مضافا".
فإن كان الأوّل : فالمطّرد نصبه ، نحو" زيّنت المدينة إكراما للقادم" ، ومثله قول الشاعر وهو حاتم الطائي
:وأغفر عوراء الكريم ادّخاره |
|
وأعرض عن شتم اللّئيم تكرّما |