أَزْكى طَعاماً) [الكهف : ١٩] وقال : (لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً) [الكهف : ١٢] فأي تنتظم معنى الألف مع أم جميعا ، وأما الموضع الثاني من موضعي (أم) ، فإن تكون منقطعة مما قبلها خبرا كان أو استفهاما ، وذلك نحو قولك فيما كان خبرا : إنّ هذا لزيد أم عمرو يا فتى ، وذلك أنك نظرت إلى شخص فتوهمته زيدا فقلت على ما سبق إليك ثم أدركك الظن أنه عمرو فانصرفت عن الأول فقلت : أم عمرو مستفهما فإنما هو إضراب على معنى (بل) إلا أن ما يقع بعد (بل) يقين وما يقع بعد (أم) مظنون مشكوك فيه ، وذلك أنك تقول : ضربت زيدا ناسيا أو غالطا ثم تذكر فتقول : بل عمرا مستدركا مثبتا للثاني تاركا للأول فهي تخرج من الغلط إلى استثبات ومن نسيان إلى ذكر و (أم) معها ظن أو استفهام وإضراب عما كان قبله ومن ذلك : هل زيد منطلق أم عمرو يا فتى قائما أضرب عن سؤاله عن انطلاق زيد وجعل السؤال عن عمرو فهذا مجرى هذا وليس على منهاج.
قولك : أزيد في الدار أم عمرو وأنت تريد : أيهما في الدار ؛ لأن (أم) عديلة الألف ولا تقع (هل) موقع الألف مع (أم) وقد تدخل (أم) على (هل).
قال الشاعر :
أم هل كبير بكى ... (١)
(١) على أنه يجوز أن تأتي هل بعد أم. وليس فيه جمع استفهامين ، فإن أم عند الشارح ، كما تقدم في حروف العطف مجردة عن الإستفهام إذا وقع بعدها أداة استفهام ، حرفا كانت أم اسما.
وأم المنقطعة عن الشارح حرف استئناف بمعنى بل فقط ، أو مع الهمزة بحسب المعنى ، وذلك فيما إذا لم يوجد بعدها أداة استئناف. وليست عاطفة عنده ، وفاقا للمغاربة.
قال المرادي في الجنى الداني : إن قلت : أم المنقطعة هل هي عاطفة أو ليست بعاطفة؟ قلت : المغاربة يقولون : إنها ليست بعاطفة ، لا في مفرد ، ولا في جملة.
وذكر ابن مالك أنها قد تعطف المفرد ، كقول العرب : إنها لإبل أم شاء. قال : فأم هنا لمجرد الإضراب عاطفة ما بعدها على ما قبلها ، كما يكون ما بعد بل فإنها بمعناها. انتهى.