وكذلك إذا قلت : هذا لعبد الله فإذا قلت : أنت في الدار فقد أضفت كينونتك في الدار إلى الدار (بفي) فإذا قلت : فيك خصلة سوء فقد أضفت إليه الرداءة (بفي) فهذه الحروف التي ذكرت لك تدخل على المعرفة والنكرة والظاهر والمضمر فلا تجاوز الجرّ.
واعلم أن العرب تتسع فيها فتقيم بعضها مقام بعض إذا تقاربت المعاني فمن ذلك : الباء تقول : فلان بمكة وفي مكة وإنما جازا معا لأنك إذا قلت : فلان بموضع كذا وكذا.
فقد خبرت عن اتصاله والتصاقه بذلك الموضع ، وإذا قلت : في موضع كذا فقد خبرت (بفي) عن احتوائه إياه وإحاطته به فإذا تقارب الحرفان ، فإن هذا التقارب يصلح لمعاقبة ، وإذا تباين معناهما لم يجز ألا ترى أن رجلا لو قال : مررت في زيد أو : كتبت إلى القلم لم يكن هذا يلتبس به فهذا حقيقة تعاقب حروف الخفض فمتى لم يتقارب المعنى لم يجز وقد حكي : كنت بالمال حربا وفي المال حربا وهو يستعلي الناس بكفه وفي كفه.
وقال في قول طرفة :
وإن يلتق الحيّ الجميع تلاقني |
|
إلى ذروة البيت الكريم المصمد |
إنّ (إلى) بمعنى (في) ولا يجوز أن يدخل حرف من هذه التي ذكرت على حرف منها فلا يجوز أن تدخل الباء على (إلى) ولا اللام على (من) ولا (في) على (إلى) ولا شيئا منها على آخر.