قد تنادي بإسمه من لا تعلم له فيه شريكا كما تقول : يا فرزدق أقبل ولو كنت لا تعرف أحدا له مثل هذا الاسم ولو لم يكن عرف أن هذا اسمه فيما تقدم لما أجابك إذا دعوته به.
ومن قال إذا قلت : يا زيد أنه معرفة بالنداء فهذا الكلام من وجه حسن ومن وجه قبيح عندي أما حسنة : فأن يعني : أن أول ما يوضع الاسم ليعرف به الإنسان أنه ينادي به فيقول له أبوه أو من سماه مبتدأ : يا فلان ، وإذا كرر ذلك عليه علم أنه اسمه ولو لا التكرير أيضا ما علم فمن قال : أن الاسم معرفة بالنداء أي : أصله أنه به صار يعرف المسمى فحسن ، وإن كان أراد :
أن التعريف الذي كان فيه قد زال وحدث بالنداء تعريف آخر فقد بينا وجه الإحالة فيه ويلزم قائل هذا القول شناعات أخر عندي.
وأما قولك : يا رجل. فهذا كان نكرة لا شك فيه قبل النداء وإنا صار بإختصاصك له وإقبالك عليه في معنى : يا أيها الرجل فرفع وإنما ادعى من قال : أن : يا زيد معرفة بالنداء لا بالتعريف الذي كان له.
قيل : أنه وجد الألف واللام لا يثبتان مع (يا) في التعريف في التثنية ألا ترى أنك تقول يا زيدان أقبلا ولو لا يا لقلت : الزيدان إذا أردت التعريف وإنما حذفت الألف واللام استغناء بيا عنهما إذ كانتا آلة للتعريف كما حذفنا من النكرة في النداء أيضا.
ووجدنا ما ينوب عنهما فليس ينادي شيء مما فيه الألف واللام إلا الله عز وجل.
قال سيبويه : وذلك من أجل أن هذا الاسم لا تفارقه الألف واللام وكثر من كلام العرب.
وأما الاسم النكرة الذي بقي على نكرته فلم يتعرف بتسمية ولا نداء فإذا ناديته فهو منصوب تقول : يا رجلا أقبل ويا غلاما تعال وكذلك إن قلت : يا رجلا عاقلا تعالى فالنكرة منصوبة وصفتها أو لم تصفها ومعنى هذا أنك لم تدع رجلا بعينه فمن أجابك فقد أطاعك ألا ترى أنه يقول : من هو وراء حائط ولا يدري من وراؤه من الناس : يا رجلا أغثني ويا غلاما كلمني كما يقول : الضرير يا رجلا خذ بيدي فهو ليس يقصد واحدا بعينه بل من أخذ بيده فهو بغيته قال الشاعر :