ومن قال هذا القول قال : الحسن وجها ؛ لأن الألف واللام يمنعان الإضافة (١) فلا يجوز أن تقول : هذا الحسن وجه من أجل أن هذه إضافة حقيقة على بابها لم تخرج فيه معرفة إلى نكرة ولا نكرة إلى معرفة فالألف واللام لا يجوز أن يدخلا على مضاف إلى نكرة ولو قلت ذلك لكنت قد ناقضت ما وضع عليه الكلام ؛ لأن الذي أضيف إلى نكرة يكون به نكرة وما دخلت عليه الألف واللام يصير بهما معرفة فيصير معرفة نكرة في حال ، وذلك محال.
وإنما جاز : الحسن الوجه (وما أشبهه) وإدخال الألف واللام على حسن الوجه ؛ لأن (حسنا) في المعنى منفصل فإضافته غير حقيقية والتأويل فيه التنوين فكأنك قلت : حسن وجهه فلذلك جاز فإذا قلت : حسن وجه ثم أدخلت الألف واللام قلت : الحسن وجها فتنصب الوجه الى التمييز أو الشبه بالمفعول به لّما امتنعت الإضافة كما تقول : ضارب رجل ثم تقول : الضارب رجلا وتقول هو الكريم حسبا والفاره عبدا ويجوز : الحسن الوجه ؛ لأنه مشبه بالضارب الرجل ؛ لأن الضارب بمعنى الذي ضرب والفعل واصل منه إلى الرجل على الحقيقة وقد قالوا : الضارب الرجل فشبهوه بالحسن الوجه كما شبهوا الحسن الوجه به في النصب وعلى هذا أنشد :
الواهب المائة الهجان وعبدها |
|
عوذا تزجّي خلفها أطفالها |
والوجه : النصب في هذا وتقول هو الحسن وجه العبد كما تقول هو الحسن العبد ؛ لأن ما أضيف إلى الألف واللام بمنزلة ما فيه الألف واللام وتقول : على التشبيه بهذا (الضارب أخي الرجل) كما تقول : الضارب الرجل وتقول : مررت بالحسن الوجه الجميلة ومررت بالحسن العبد النبيلة فأما قولهم : الواهب المائة الهجان وعبدها فإنما أردوا : عبد المائة كما تقول : كل شاة وسخلها بدرهم ورب رجل وأخيه لما كان المضمر هو الظاهر جرى مجراه.
وقال أبو العباس رحمه الله في إنشادهم :
__________________
(١) يجب أن يكون المعمول مجردا من أل والإضافة نحو الحسن وجها وحسن وجها. انظر شرح ابن عقيل ٣ / ١٤٥.