يذكر ابن القبيصى (١) أن هذه المعانى الثلاثة قد اجتمعت فى قول الشاعر :
ألقى الصحيفة كى يخفّف رحله |
|
والزّاد حتى نعله ألقاها |
حيث يروى (نعله) بالجرّ على أن (حتى) بمعنى (إلى) ، وتكون الجملة الفعلية (ألقاها) فى محلّ نصب على الحالية.
ويروى بالنصب على أن (حتى) بمعنى الواو ، ويكون (نعل) معطوفا على المفعول به (الزاد) ، وتكون الجملة الفعلية فى محلّ نصب على الحالية ، والهاء فى (ألقاها) للفعل أو الصحيفة أو الثلاثة ، ويجوز أن تجعل جملة (ألقاها) توكيدا.
ويجوز النصب على الاشتغال ، و (حتى) ابتدائية ، وتكون الهاء فى (ألقاها) للنعل.
ويروى بالرفع على أن (حتى) ابتدائية ، فيكون (نعله) مرفوعا على الابتدائية ، وجملة (ألقاها) فى محل رفع على الخبرية.
نلحظ أن ما بعد (حتى) داخل فيما قبلها بوجود القرينة ، وهو جملة (ألقاها) ، أى : النعل داخل فيما يثقله.
ومما روى بالأوجه الثلاثة قول الشاعر :
عممتهم بالنّدى حتى غواتهم |
|
فكنت مالك ذى غىّ وذى رشد |
(غواتهم) بالجرّ على أنه مجرور بحرف الجر (حتى) ، وبالنصب بالعطف على المفعول به ضمير الغائبين المتصل (هم) فى (عممتهم) ، و (حتى) تكون معطوفة ، وبالرفع على الابتداء ، والكوفيون يذهبون إلى أن الرفع فى مثل هذا جائز بدون ذكر الخبر ، لكن البصريين يرون أنه لا بدّ من ذكر الخبر.
ومنه المثل المشهور : أكلت السمكة حتى رأسها. بالخفض على معنى (إلى) فتكون (حتى) حرف جرّ ، والتقدير : إلى رأسها ، وبالنصب على معنى الواو ، والتقدير : ورأسها ، فتكون (رأس) منصوبة بالعطف على المفعول به المنصوب (السمكة) ، وبالرفع على الابتداء ، فتكون (حتى) حرف ابتداء مبنيا ، ورأس مبتدأ مرفوع ، وخبره محذوف.
__________________
(١) ينظر : الهادى فى الإعراب ١١ ، ١١٢.