ومنه قوله تعالى : (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً) [غافر : ٧]. الجملة الفعلية (يستغفرون) تحتاج إلى ما يصلها بالجملة الندائية والتقريرية بعدها (ربنا وسعت) ، ويقدر هذا الوصل بقول محذوف ، ويكون التقدير : يستغفرون للذين آمنوا يقولون ربنا وسعت ، أو قائلين ، ويكون المحذوف فى محل نصب على الحالية من الضمير الفاعل واو الجماعة فى (يستغفرون) (١).
ثانيا : حذف العامل فى الحال :
لحذف العامل فى الحال ثلاث أحوال : جواز الحذف ، ووجوب الحذف ، ووجوب ذكر العامل.
أ ـ جواز حذف العامل فى الحال :
قد يحذف العامل فى الحال لوجود دليل عليه ، سواء أكان دليلا مقاميا أو حاليا ، أم كان دليلا مقاليا أو لفظيا. كأن تقول لمن أراد السفر : بسلامة الله ، أى : تسافر بسلامة الله ، فشبه الجملة (بسلامة) فى محل نصب على الحالية من فاعل العامل المحذوف (تسافر) ، أو تقول له : راشدا مهديا كما تقول للقادم من الحجّ : مأجورا ، أى : رجعت مأجورا.
ومن الدليل المقالى على حذف عامل الحال قوله تعالى : (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً) [البقرة : ٢٣٩] ، أى : فصلّوا رجالا أو ركبانا ، فكلّ من (رجالا وركبانا)
__________________
(١) يذهب بعض اللغويين إلى رأى آخر فى إعراب المحذوف حيث يقدرونه خبرا بعد خبر للاسم الموصول (الذين) ، فيكون فى موضع رفع ، لكننى أرى أن القول (ربنا وسعت) يتلاءم مع القول : (يستغفرون) فالاستغفار يتطلب التوسل بإظهار صفة المستغفر منه فى هذا المعنى ، فيكون بأن رحمته وسعت كلّ شىء ، وبذلك فإن الإعراب على الحالية أكثر ملاءمة للمعنى. الدر المصون : ٦ ـ ٣١.
(الذين) اسم موصول مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. (من) اسم موصول مبنى فى محل رفع بالعطف على (الذين). (يسبحون) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه ثبوت النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل ، والجملة الفعلية فى محل رفع ، خبر المبتدإ (الذين). (ربنا) منادى منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وحرف النداء محذوف ، وضمير المتكلمين مبنى فى محل جر بالإضافة ، وجملة النداء فى محل نصب ، مقول القول. (رحمة) تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة. وهو تمييز نسبة محول عن الفاعلية ، والتقدير : وسعت رحمتك كل شىء.