الدّرس الثالث والأربعون :
العطف
عبقريّة الفارابي
دخل الفيلسوف الفارابي مرّة على الأمير سيف الدّولة الحمدانيّ ، وكان في مجلسه علماء يتنافسون في أمور مختلفة ، فسلّم عليه وعلى العلماء ... ثم جلس يشاركهم فلم يزل كلامه يعلو وكلامهم يسفل حتّى صمتوا ... وبقي يتكلّم وحده ، ثمّ أخذوا يكتبون ما يقول ... فارتاح سيف الدّولة إليه ، وانصرف كلّ من كان في المجلس وخلا به.
فسأل الأمير : أتأكل أم تشرب؟ قال الفيلسوف أريد طعاما لا شرابا. وبعد أن قدّم له ما طلب عاد الأمير ليساله بقوله :
أتسمع؟ قال : نعم. فأحضر كلّ من هو ماهر بالعزف ، فلم يحرّك أحد آلة إلّا عابه. ثمّ أخرج من جيبه خريطة ففتحها ثمّ ركّب فيها عيدانا ولعب بها ؛ فضحك كلّ من كان في المجلس ... ثمّ فكّها وغيّر تركيبها وضرب بها فبكى كلّ من كان في المجلس ... ثمّ فكّها وغيّر تركيبها ثانية وضرب بها ضربا فناموا ... ثمّ تزكهم وانصرف.
|
أخلاق العلماء (بتصرّف) |