الدّرس الخامس والثلاثون :
جمع المذكّر السّالم والملحق به
الأربعون
سلام عليك أيّها الماضي الجميل ، كنّا نطير في أجوائك البديعة الطّلقة غادين رائحين ، طيران الحمائم البيض في آفاق السّلام.
مضى فيك أيّها الماضي عهد شبابي ، وتقاربت خطواتي ونعى النّاعون إليّ كثيرا من أصحابي وأترابي ، ودعا لي الدّاعون بالقوّة وطول البقاء وحسن الختام. ولقد نصحني النّاصحون بالاقتصاد والتّدبير إبقاء على مصلحة أولادي الفقراء ؛ كأنّهم يقولون لي إنّك موشك أن ترحل ، فأعدّ لمن وراءك من أهلك وبنيك ما يغنيهم عنك.
فسلام عليك أيّها الماضي الجميل ، ففيك كنت أجد غبطة عظمى حينما اختلف إلى مقابر الصالحين ، وأقف موقف الضّراعة فأشعر بسكينة في قلبي. والآن وقد حرمت من ذلك كلّه منذ السّاعة الّتي عرفت فيها أنّ أساطير الأوّلين أكاذيب ، وأنّ الأولياء والصّالحين أحياء كانوا أو أمواتا في شاغل بأنفسهم عن غيرهم ، وكلّ ما كان ينبغي أن أفكّر فيه