الدّرس الخامس عشر :
المفعول لأجله
هممت أن أفرغ بندقيّتي وأعلّقها في كتفي ، وأن أجدّ في السّير مخافة أن يدركني الظّلام في الجبال ؛ إذ بثعلب يطفر من بين الأشواك عند عطفة في الطّريق ؛ فأرديته في الحال ، لا طمعا بجلده ، فجلود الثّعالب كما تعلم ، لا تنفع لشيء في هذا الفصل من السّنة ، ولكنّني أرديته تشفيا من الطّبيعة الّتي عاندتني كلّ ذلك النّهار ، وتشفيا من نفسي ، وتأكيدا لثقتي بعيني وبيدي ، وهربا من ذلك الحلم المزعج ، الّذي استولى على فكري.
عدت إلى حيث وقع الثّعلب ، وإذا بثلاثة جراء صغار تطفر من بين الأشواك ، وتتغلغل ما بين الصّخور القريبة ؛ فأدركت للحال أنّني قتلت أمّا لثلاثة بنين ، بل قتلت أمّا وبنيها الثّلاثة ، فقد كانوا قاصرين عن تحصيل رزقهم من دونها ، وأحسست كأنّ حرابا تطعنني في قلبي ، وعصيّا تنهال بالضّرب على رأسي.
|
ميخائيل نعيمة (بتصرّف) |