العربي (١) في بعض تواليفه ، ولا أعلم هل هي له أو لغيره (٢) ، [وإن] من غاص عليها لغوّاص ، [وهي نكتة بارعة تخرج] من باب الإشارة ، وقد يحتمل أن تخرج من باب الفقه ، وهو أن يكون تسمية زيد بالعلميّة ليتبين في الآية ثبوت هذا الحكم ووقوعه في أبناء التّبنّي ، إذ لو قال تعالى : فلما قضى بعلها ، لم يعلم من البعل من مقتضى الآية.
ومنها : أنّ الله تعالى سنّ لرسوله صلىاللهعليهوسلم هذه السّنّة على رغم أنف المتكبّرين ، فمن لام بعد هذه السّنّة أحدا في أن يزوّج مثلا بنته لعبده أو يتزوج امرأة عبده من بعده فليفغر فوه بفهر يكسر قواضمه وخواضمه ، ويطرح في أمّه الهاوية (٣) ، إذ ليس بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم شارع ولا فوق شرفه شرف.
ومنها : قوله تعالى لرسوله صلىاللهعليهوسلم (زَوَّجْناكَها) [الأحزاب : ٣٣ / ٣٧].
فأضاف تعالى تزويجها لنبيّه إلى نفسه ، وما أضاف الله تعالى لنفسه شيئا إلاّ وشرّف ذلك الشيء ، كما قال تعالى : (رُوحِي) [الحجر : ١٥ / ٢٩] ، و (بَيْتِيَ) [البقرة :
__________________
(١) هو القاضي أبو بكر محمد بن الله المعافري الإشبيلي الأندلسي المعروف بابن العربي (ولد ٤٦٨ ، وتوفي ٥٤٣) من أعيان علماء الأندلس ، ومن كبار المصنفين البارعين ، ومن كتبه أحكام القرآن ، والعواصم من القواصم ، وعارضة الأحوذي على كتاب التّرمذي ، وغيرها.
(٢) لم أر هذا في (أحكام القرآن) ولعله من كتاب آخر.
ـ ونقله القرطبي في تفسيره ١٤ / ١٩٤ عن أبي القاسم السهيلي (٥٠٨ ـ ٥٨١).
ـ وفيه : كان يقال زيد بن محمد حتى نزل قوله تعالى : (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ) فقال : أنا زيد بن حارثة ، وحرم عليه أن يقول : زيد بن محمّد ، فلمّا نزع عنه هذا الشرف وهذا الفخر ، وعلم الله وحشته من ذلك شرّفه بخصيصة لم يكن يخصّ بها أحدا من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم ، وهي أنه سمّاه في القرآن فقال تعالى : (فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً) يعني من زينب ، ومن ذكره الله تعالى باسمه في الذكر الحكيم حتى صار اسمه قرآنا يتلى في المحاريب نوّه به غاية التنويه ، فكان في هذا تأنيس له وعوض من الفخر بأبوّة محمد صلىاللهعليهوسلم له.
(٣) الفهر : الحجر يملأ الكفّ. والقواضم : الأسنان ، مأخوذ من القضم ، وهو أخذ الشيء وأكله بأطراف الأسنان ، والخواضم : الأضراس ، مأخوذ من الخضم ، وهو أخذ الشيء وأكله بأقصى الأضراس ، وأمّه :أي أمّ رأسه ، وهي الدّماغ ، أو الجلدة الرّقيقة التي عليها ، والهاوية : جهنّم.