لا قام ، أي لم يقم ، فلا ، لنفي حكم ما قبل «الّا» ونقضه ، نفيا كان ذلك الحكم ، أو اثباتا ، فهو كقولك : كأن زيدا أسد ، الأصل عند بعضهم : إن زيدا كالأسد ، فقدموا الكاف وركبوها مع «أن» ؛
وفيما قال نظر من وجوه : لأن «لا» على المعنى الذي أوردناه (١) ، غير عاطفة (٢) ، ومع التسليم ، فإن «لا» العاطفة ، لا تأتي إلا بعد الاثبات ، نحو : جاءني زيد لا عمرو ، وأنت تقول : ما جاءني القوم إلا زيد ، ولأن فيما قال ، عزلا (٣) لإنّ ، مرة ، وللا ، أخرى عن مقتضييهما ، وذلك لأنه ينصب بها مرة ، ويتبع ما بعدها لما قبلها أخرى ، ولا يجتمع الحكمان معا في موضع ، ولأن المعطوف عليه قليلا ما يحذف ، والمتعدد الذي هو المعطوف عليه ، عنده ، مطرد الحذف نحو : ما قام إلا زيد ؛
وقال بعضهم : هو منصوب بأستثني ، كما أن المنادى منصوب بأنادي ، و «الّا» ، وحرف النداء ، دليلان على الفعلين المقدّرين ، فالمستثنى على هذا القول : مفعول به ، وقد اعترض عليه بأنه يلزم منه جواز الرفع بتقدير : امتنع ؛ ولا يلزم (٤) ذلك ، لأننا نعلل ما ثبت وورد ، من كلام العرب ، ولو ورد الرفع لكنّا نقدر «امتنع» ونحوه ؛ ولو ورد الرفع في نحو : أنت والأسد ، لكنا نقدّر : ابعد أنت والأسد ونحوه ؛
وقال المصنف في شرح المفصل (٥) : العامل فيه : المستثنى منه بواسطة «الا» ، قال : لأنه ربّما لا يكون هناك فعل ولا معناه فيعمل ، نحو : القوم إلا زيدا إخوتك ؛ وهذا لا يرد إلا على مذهب البصريين ؛ ولهم أن يقولوا : ان في «إخوتك» معنى الفعل وإن كان
__________________
(١) يعني في شرح مذهب الفراء ،
(٢) لأنها لم تسبق بمعطوف عليه
(٣) أي إبعادا لكل من الحرفين عما يقتضيه من العمل ،
(٤) أي لا يلزم الاعتراض الذي أوردوه
(٥) لابن الحاجب شرح على مفصل الزمخشري اسمه : الإيضاح ، ينقل الرضي عنه كثيرا ويناقش ابن الحاجب فيما ينقله عنه كثيرا كما ينقل عنه في شرحه على الكافية هذه ؛