وإنما اشترط كون الاستثناء في كلام موجب ، لأن غير الموجب لا يجب نصب مستثناه ، كما يجيئ ؛
واختلف في عامل النصب في المستثنى ، فقال البصريون : العامل فيه : الفعل المتقدم ، أو معنى الفعل ، بتوسّط «الا» ، لأنه شيء يتعلق بالفعل معنى ، إذ هو جزء مما نسب إليه الفعل ، وقد جاء بعد تمام الكلام فشابه المفعول ؛
وقال المبرد ، والزجاج : العامل فيه «الّا» ، لقيام معنى الاستثناء بها ، والعامل ما به يتقوّم المعنى المقتضى (١) ، ولكونها نائبة عن «أستثني» ، كما أن حرف النداء نائب عن «أنادي» ؛
وقال الكسائي : هو منصوب ، إذا انتصب ، بأنّ مقدّرة بعد «إلّا» ، محذوفة الخبر ، فتقدير قام القوم الّا زيدا : قام القوم الّا أنّ زيدا لم يقم ؛
وليس بشيء ، إذ يبقى الاشكال عليه بحاله في انتصاب «أنّ» مع اسمها وخبرها ، لأنها في تقدير المفرد ؛
وأمّا الاعتراض (٢) بأنه يعمل الحرف الموصول مقدّرا ، والموصول لا يقدّر ، فلا يرد عليه ، لأن الكوفيين يجوّزون تقدير الاسم الموصول ، كما يجيئ ، وأمّا تقدير الحرف الموصول ، فله أسوة (٣) بالبصريّين في تقديرهم «أن» الناصبة للفعل ، لكون الحروف التي قبلها كالنائب عنها ، فإلّا ، عنده ، تكون كالنائب عن «أنّ» المقدّرة ؛
وقال الفراء : «الّا» مركبة من : «إنّ» و «لا» العاطفة ، حذفت النون الثانية من «إن» ، وأدغمت الأولى في لام «لا» فإذا انتصب الاسم ، بعدها ، فبإنّ ، وإذا أتبع ما قبلها في الاعراب ، فبلا العاطفة ، فكأن أصل قام القوم إلا زيدا : قام القوم ، إنّ زيدا
__________________
(١) المعنى العام للعامل هو ما به يتقوم المقتضي وتقدم ذلك في أول الكتاب ص ٧٢ ج ١ ؛
(٢) أي الاعتراض على الكسائي ،
(٣) جواب قوله : وأما تقدير الحرف الموصول ؛