بعدها منصوبا ، نحو : كان زيد هو المنطلق ، أو إذا دخلها لام الابتداء وانتصب ما بعدها وإن كانت بعد مضمر ، نحو : إن كنت لأنت الكريم ، وذلك لأنها إذا كانت بعد مضمر بلا لام ابتداء جاز كونها تأكيدا لذلك الضمير ، نحو : (إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)(١) ، فإنه قد يؤكد المتصل بالمنفصل المرفوع ، كما مرّ في باب التأكيد ، وأمّا إذا كانت بعد ظاهر وانتصب ما بعدها فإنها لا تكون تأكيدا ، لأن المظهر لا يؤكد بالمضمر ، ولا تكون مبتدأة ، لانتصاب ما بعدها ، وكذا إذا دخلها لام الابتداء مع انتصاب ما بعدها ، فإنه لا تدخل لام الابتداء على التأكيد ، ولا تكون مبتدأة لانتصاب ما بعدها ؛
وقوله تعالى : (إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ)(٢) ، يحتمل أن يكون مبتدأ وفصلا ، ولا يجوز كونه تأكيدا لأجل اللام كما ذكرنا ؛
قوله : «ولا موضع له عند الخليل» ، الأظهر عند البصريين أنه اسم ملغى لا محل له بمنزلة «ما» إذا ألغيت في نحو «إنما» ، ولهذا قال الخليل : (٣) والله إنه لعظيم ... ، ولما ذكرنا قبل من طرءان (٤) معنى الحرفية عليه ؛
والكوفيون يجعلون له محلا من الإعراب ، ويقولون : هو تأكيد لما قبله ، فإن ضمير المرفوع قد يؤكد به المنصوب والمجرور ، كما مر في باب التأكيد نحو : ضربتك أنت ومررت بك أنت ؛
ويرد عليهم أن المضمر لا يؤكد به المظهر فلا يقال : جاءني زيد هو ، على أن الضمير لزيد ، ونحن نقول : إن زيدا هو القائم ، ويرد عليهم أيضا ، ان اللام الداخلة في خبر «إنّ» ، لا تدخل في تأكيد الاسم ، فلا يقال : إن زيدا لنفسه كريم ؛
__________________
(١) من الآية ١٦ سورة القصص وتقدمت في هذا البحث.
(٢) الآية ٨٧ من سورة هود وتقدمت قريبا.
(٣) تقدم هذا القول مع تحديد موضعه في سيبويه قريبا ؛
(٤) مصدر طرأ ، والرضي يستعمله كثيرا ؛