النعت ، لأن الضمير لا يوصف ، وليس بمبتدأ حقيقة ، إذ لو كان كذلك لم ينتصب ما بعده في نحو : ظننت زيدا هو القائم ، وكنت أنت القائم ؛
ثم لمّا كان الغرض المهم من الإتيان بالفصل : ما ذكرنا ، أي دفع التباس الخبر الذي بعده بالوصف ، وهذا هو معنى الحرف ، أعني إفادة المعنى في غيره ، صار حرفا ، وانخلع عنه لباس الاسمية ، فلزم صيغة معيّنة ، أي صيغة الضمير المرفوع ، وإن تغيّر ما بعده عن الرفع إلى النصب ، كما ذكرنا (١) ، لأن الحروف عديمة التصرف ، لكنه بقي فيه تصرف واحد كان فيه حالة الاسمية ، أعني كونه مفردا ومثنى ومجموعا ومذكرا ومؤنثا ، ومتكلما ومخاطبا وغائبا ، لعدم عراقته في الحرفية ؛
ومثله كاف الخطاب (٢) في هذا التصرف ، لما تجرّد عن معنى الاسمية ودخله معنى الحرفية ، أي إفادته (٣) في غيره ، وتلك الفائدة كون اسم الإشارة الذي قبله مخاطبا به واحد أو مثنى أو مجموع ، مذكر أو مؤنث ، فإنه صار حرفا مع بقاء التصرف المذكور فيه ؛
فإن قلت : فلنا أسماء كثيرة مفيدة للمعنى في غيرها ، كالأسماء الاستفهامية والشرطية ، مع بقائها على الاسمية ، فهلّا كان الفصل وكاف الخطاب كذلك؟
قلت : بينهما فرق ، وذلك أن أسماء الاستفهام والشرط دالّة على معنى في أنفسها ، ودالة على معنى في غيرها ؛ والفصل وكاف الخطاب الحرفية ، لا يدلّان إلا على معنى في غيرهما ، وقد تقدم في حد الاسم : أن الحدّ الصحيح للحرف ، أن يقال : هو الذي لا يدل إلا على معنى في غيره ، ولا يقال : هو ما دلّ على معنى في غيره (٤) ؛
واعلم أنه إنما تتعيّن فصلية (٥) الصيغة المذكورة ، إذا كانت بعد اسم ظاهر وكان ما
__________________
(١) كما إذا وقع بعد مبتدأ منسوخ ،
(٢) أي اللاحقة لاسم الإشارة كما سيشير إلى ذلك ؛
(٣) أي كونه مفيدا معنى في غيره ، والعبارة هكذا وردت في الأصل المطبوع ؛
(٤) أيّد الرضي في تعريف الاسم القول بهذا التعريف للحرف. انظر ص ٤١ من الجزء الأول ،
(٥) أي كونها فصلا.