وقوع الحدثين معا ؛ ويتميّز مستثناهما ، أيضا نحو : اختلف أهل البصرة إلّا سيبويه ، وأهل الكوفة إلا الكسائي في كذا ؛
وثانيهما (١) : ما يدل على حدثين ، يجوز تعلق كل منهما بغير محدث الآخر وبغير ما تعلق به الآخر ، ووقوعه في وقت آخر ، ومكان آخر ، وعلى حال أخرى ، وذلك : أفعل التفضيل ، نحو : زيد أضرب من عمرو ، ويجوز اختلاف مضروبيهما وكونهما غيرهما نحو : زيد لعمرو ، أضرب من بكر لخالد ، قال الله تعالى : (هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ)(٢) ، وكذا يجوز اختلاف زمانيهما ، نحو : زيد يوم الجمعة أضرب من عمرو يوم السبت ، وكذا المكانان ، نحو : زيد عندك أحسن منه عندي ، وكذا الحالان نحو : زيد قائما أحسن منه قاعدا ؛
وكذا آلة التشبيه ، تدل على حدثين ، فيجوز اختلاف زمانيهما ، نحو : زيد يوم الجمعة كعمرو يوم السبت ، واختلاف حاليهما ، نحو : زيد قائما مثله قاعدا ؛
أمّا أفعل التفضيل فانه يدل على حدثين معيّنين ، أعني حدث الفاضل والمفضول ، بصيغته ، لأن معنى زيد أحسن من عمرو : أنّ لزيد الفاضل حسنا ، ولعمرو المفضول حسنا ؛ وأمّا آلة التمثيل فلا تدل بصيغتها على حدثين معيّنين ، بل تدل بمعناها على حدثين مطلقين ، لأن معنى زيد كعمرو أن هناك حالة يشتركان فيها فلهما حالتان متماثلتان ، وأمّا أن تلك الحالة ما هي؟ فغير مصرّح به في اللفظ ، فمعنى قولك : زيد يوم الجمعة مثله يوم السبت ، أي : زيد تشبه حالته ودابه ، يوم الجمعة حالته ودأبه يوم السبت ، فالظرفان منصوبان بمعنى الحالة والدأب ، إذ يعبّر بهما عن كل حدث لازم كالحسن والجمال ، أو غير لازم كالضرب والقتل ، ألا ترى إلى تعلّق الجارّ والظرف في قوله :
١٩٠ ـ كدأبك من أمّ الحويرث قبلها |
|
وجارتها أم الرباب بمأسل (٣) |
__________________
(١) أي ثاني النوعين اللذين يدلان على حدثين فصاعدا ،
(٢) الآية ١٦٧ من سورة آل عمران ؛
(٣) من معلقة امريء القيس ، التي تكرر الاستشهاد بأبياتها في هذا الشرح ، وأم الحويرث ، وأم الرباب ، من أسماء النسوة اللاتي تحدث عنهن في هذه القصيدة ؛