وقد يقال : برجل الأسد شدة ، وهو بدل عند سيبويه ، ويجوز ، عند الخليل. أن يكون صفة بتأويل : مثل الأسد ، كما ذكرنا في قولهم : له صوت صوت حمار (١) ؛
ويقولون : مررت برجل نار حمرة ، أي مثل نار حمرة ؛ ويجوز أن يكون : أسد شدة ، ونار حمرة ، بمعنى كامل شدة ، وكامل حمرة ، فلا يكون بتقدير المضاف ، بل يكون كقولهم : أنت الرجل علما ، كما ذكرنا في باب الحال (٢) ؛
والمنصوب في هذا الوجه أيضا ، تمييز عن نسبة «الكامل» إلى ضمير المذكور ؛
وقال غير المبرد : بل بتأويل الجوهر (٣) في مثل هذا ، بما يليق به من الأوصاف فمعنى : برجل أسد ، أي جريء ، وبرجل حمار ، أي بليد ، ولا معنى للتمييز في نحو : برجل أسد شدة على هذا التأويل ، قال الشاعر :
٣٢٤ ـ وليل يقول الناس من ظلماته |
|
سواء صحيحات العيون وعورها (٤) |
كأن لنا منه بيوتا حصينة |
|
مسوحا أعاليها وساجا ستورها |
أي : سودا أعاليها ، وكثيفا ستورها ؛
وثانيها (٥) : جنس يوصف به ذلك الجنس ، فيكرر اللفظ ، بمعنى الكامل ، نحو : مررت برجل رجل ، أي كامل في الرجولية ، ورأيت أسدا أسدا ، أي : كاملا ،
وثالثها : جنس مصنوع منه الشيء ، يوصف به ذلك الشيء ، نحو : هذا خاتم
__________________
(١) باب المفعول المطلق ج ١ ص ٢١٩
(٢) انظر في هذا الجزء ، ص ٣٧.
(٣) أي اسم الذات الذي وقع نعتا ،
(٤) هذا من شعر مضرس بن ربعي الأسدي كما قال البغدادي ، وقال إن هذا من أحسن ما وصف به الليل وسواده ، والمسوح جمع مسح بكسر الميم وهو كيس سميك النسج يوضع فيه الحبّ ، وهو غالبا ينسج من الشعر الأسود ، والساج نوع من الشجر يتخذ منه الخشب وهو أسود أيضا ، وهذا مما يبرر قول البغدادي إنهما من أحسن وأقوى ما وصفت به ظلمة الليل ؛
(٥) أي الضرب الثاني من ضروب غير الشائع ،