فلما كان المراد من ذكر رجل الثاني ، صفته ، صار رجل ، مع صفته صفة للأول ، كما مرّ في باب «لا» التبرئة في نحو : لا ماء ماء باردا ، ويجوز أن يكون الثاني بدلا من الأول ، كما قيل في قوله تعالى : (بِالنَّاصِيَةِ ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ)(١) ، إلّا أن وجوب تطابقهما تعريفا وتنكيرا يرجح كونه صفة ؛
ومن القياسيّ : الوصف بالمقادير ، نحو عند رجال ثلاثة ، قال عليه الصلاة والسّلام : «الناس كإبل مائة ، لا تجد فيها راحلة واحدة» ،
وتقول : عندي برّ قفيزان ، وكذا الوصف بالذراع والشبر والباع ، وغير ذلك من المقادير الدالة على الطول والقصر والقلة والكثرة ونحو ذلك ؛
والسماعيّ (٢) على ضربين : إمّا شائع كثير ، وهو الوصف بالمصدر ، والأغلب أن يكون بمعنى الفاعل نحو : رجل صوم ، وعدل ؛ وقد يكون بمعنى المفعول ، نحو : رجل رضى أي مرضيّ ؛ قال بعضهم هو على حذف المضاف ، أي : ذو صوم ، وذو رضى ؛ والأولى أن يقال : أطلق اسم الحدث على الفاعل والمفعول مبالغة ، كأنهما من كثرة الفعل ، تجسّما منه ؛
وإمّا غير شائع ، وهو ضروب :
أحدها : جنس مشهور بمعنى من المعاني يوصف به جنس آخر ، كقولك : برجل أسد ، قال المبرد : هو بتقدير «مثل» أي مثل أسد ، ويقوّي تأويله قولهم : مررت برجل أسد شدّة ، أي يشابه الأسد شدّة ، فانتصاب «شدة» على التمييز عن نسبة «مثل» إلى ضمير المذكور ، كما في قولك : الكوز ممتلئ ماء ، على ما ذكرنا في الحال في قولهم : هو زهير شعرا ؛ (٣)
__________________
(١) من الآيتين ١٥ ، ١٦ سورة العلق ،
(٢) النوع الثاني مما أشار إليه في قوله : وبقي من الجوامد الواقعة صفة ... وهي على ضربين قياسي وسماعي ،
(٣) انظر في هذا الجزء ، ص ٣٨.