للفصل بينها وبين معمولها بغير الظرف ؛
وقد جاءت «إن» بعدها غير كافّة ، شذوذا ، وهو عند المبرد قياس ؛ أنشد أبو عليّ :
٢٦٢ ـ بني غدانّة ما إن أنتم ذهبا |
|
ولا صريفا ولكن أنتم الخزف (١) |
و «إن» العازلة (٢) عند الكوفيين ، نافية لا زائدة ، ولعلهم يقولون : هي نافية زيدت لتأكيد نفي «ما» ، وإلّا (٣) ، فإن النفي إذا دخل على النفي أفاد الإيجاب ؛
وردّ عليهم بأنه لا يجوز الجمع بين حرفين متفقي المعنى ، إلا مفصولا بينهما ، كما في إنّ زيدا لقائم (٤) ، وأمّا الجمع بين اللام وقد في نحو : (لَقَدْ سَمِعَ)(٥)» ، مع أن في كليهما معنى التحقيق والتأكيد ، فلأن «قد» يشوبها معنيان آخران ؛ وهما التقريب والتوقع ، فلم تكن بحتا للتحقيق ، وكذا في : ألا إنّ ، مع أن في «ألا» معنى التحقيق ، لأن (٦) فيها معنى التنبيه ، أيضا ، وأنشد الفراء :
٢٦٣ ـ الّا أواريّ ما إن لا أبيّنها |
|
والنؤي كالحوض بالمظلومة الجلد (٧) |
بالجمع بين ثلاثة أحرف نافية ، والرواية : لأيّا ما أبيّنها ؛
ومما يعزلها عن العمل : انتقاض نفيها ، لأن عملها إنما كان لأجل النفي الذي به شابهت
__________________
(١) غدانة بضم الغين المعجمة : حيّ من بني يربوع من تميم والمراد بالصريف : الفضة ، والخزف ما يصنع من الطين ثم يحرق قال البغدادي : ولم أجد من نسبه لأحد مع كثرة وروده في كتب النحو ؛
(٢) أي التي تمنع ما من العمل ،
(٣) أي وإذا لم يكن هذا هو وجهة نظر الكوفيين ،
(٤) يعني الجمع بين انّ واللام
(٥) أول الآية ١٨١ سورة آل عمران ،
(٦) أي جاز الجمع بين ألا وان لأن في ألا معنى التنبيه ،
(٧) هو البيت الثاني من قصيدة النابغة الذبياني ، التي تعد إحدى المعلقات عند بعض العلماء ، ويروى : الا الأواريّ بالتعريف ، وهو جمع آريّ ، أي محبس الخيل ؛ واللأى البطء ، والنؤى بضم النون حفرة حول الخباء لمنع المطر ، شبهه بالحوض الذي يحفر في الأرض لغير غرض الإقامة ، فتكون الأرض مظلومة بحفره فيها ، والجلد : الأرض الصلبة ؛