والمازني يفتحه بلا تنوين ، نحو قوله :
٢٤٤ ـ إن الشباب الذي مجد عواقبه |
|
فيه نلذّ ولا لذّات للشيب (١) |
حذرا (٢) من مخالفته في الحركة لسائر المبني بعد «لا» التبرئة ، مما كان معربا بالحركة قبل دخولها ، وهذا أولى ممّا قبله ، طردا للباب على نسق واحد ؛
واعلم أن الجارّ ، إذا دخل على «لا» التبرئة ، منع من بناء المنفي بعدها ، نحو قولك : كنت بلا مال ، وغضبت من لا شيء ، وذلك لتعذر تقدير «من» بعدها ، إذ لا يجوز : بلا من مال ؛ وأيضا ؛ فإن عمل «لا» إنما كان لمشابهتها «انّ» ، كما يجيئ ، وبتوسطها يبطل الشبه ، لأنّ «إنّ» لا بدّ لها من التصدّر ، وربّما فتح (٣) ، نظرا إلى لفظ «لا» ، فقيل : كنت بلا مال ، وذلك كما بني مع «لا» الزائدة ، نظرا إلى لفظها ، كما أنشد الأخفش :
٢٤٥ ـ لو لم تكن غطفان لا ذنوب لها |
|
إذن ، للام ذوو أحسابها عمرا (٤) |
فلا ، زائدة ، وقد اعتبرت فبني الاسم لها ، فما ظنك بجواز البناء ، مع عدم زيادتها ، لكنه ، مع ذلك ، قليل ؛
ونحو قوله تعالى : (لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ) (٥) ، عند سيبويه ، وجمهور النحاة ، الظرف بعد المنفي لا يتعلق بالمنفي ، وإلا كان مضارعا للمضاف فانتصب ، كما في : لا خيرا من زيد عندنا ، بل الظرف متعلق بمحذوف ، وهو خبر المبتدأ كما في قولك : عليك تثريب ، و «اليوم» معمول لعليكم ، ويجوز العكس ؛
__________________
(١) هذا البيت من قصيدة لسلامة بن جندل السعدي ، وهي إحدى المفضليات ، وقبله :
أودى الشباب حميدا ذو التعاجيب |
|
أودى وذلك شأو غير مطلوب |
(٢) تعليل لما ذهب إليه المازني.
(٣) أي الاسم الواقع بعد لا المسبوقة بحرف الجر ، وقوله فتح ، أي بني على الفتح.
(٤) هذا من قصيدة للفرزدق في هجاء عمر بن هبيرة الفزاري وقبله :
يا أيها النابح العاوي لشقوته |
|
إليك ، أخبرك عما تجهل الخبرا |
ومعنى بيت الشاهد : لو لم تكن غطفان مذنبة ، لقام كبارها وذوو الرأي فيها بلوم عمر ، ومنعه من التعرض لي ،
(٥) الآية ٩٢ سورة يوسف ،