إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم التّرجماني (١) ، نا الحسن العتكيّ ، نا الوليد بن عبد الرّحمن القرشي الحرّاني ، نا حبّان البصري ، عن إسحاق بن نوح ، عن محمد بن علي عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأقبل على أسامة بن زيد فقال : «يا أسامة عليك بطريق الجنّة ، وإيّاك أن تختلج دونها» فقال : يا رسول الله ما أسرع ما يقطع به ذلك الطريق؟ قال : «بالظمإ في الهواجر وكسر النّفس عن لذّة الدنيا ، يا أسامة عليك بالصّوم ، فإنه يقرب إلى الله أنه ليس شيء أحبّ إلى الله من ريح فم الصّائم ترك الطعام والشراب لله عزوجل ، فإن استطعت أن يأتيك الموت وبطنك جائع وكبدك ظمآن فافعل ، فإنك تدرك شرف المنازل في الآخرة ، وتحلّ مع النبيين ويفرح الأنبياء بقدوم روحك عليهم ، ويصلي عليك الجبار تعالى ، إياك يا أسامة وكل كبد جائعة تخاصمك إلى الله عزوجل يوم القيامة ، يا أسامة وإياك ودعاء عبّاد قد أذابوا اللّحوم بالرياح والسّموم وأظمئوا الأكباد حتى غشيت أبصارهم فإن الله إذا نظر إليهم سرّ بهم وباهى بهم الملائكة ، بهم تصرف (٢) الزلازل والفتن.
ثم بكى النبي صلىاللهعليهوسلم حتى اشتد نحيبه وهاب الناس أن يكلموه حتى ظنوا [أنه](٣) قد حدث من السماء حدث ، ثم قال : «ويح لهذه الأمّة ما يلقى منهم من أطاع الله فيهم كيف يقتلونه ويكذّبونه من أجل أنه أطاع الله ، وأمرهم بطاعة الله» فقال عمر بن الخطاب : يا رسول الله والناس يومئذ على الإسلام؟ قال : «نعم» ، قال : ففيم يقتلون من أطاع الله وأمرهم بطاعة الله؟ قال : يا عمر ترك الناس الطريق وركبوا الدوابّ ولبسوا الليّن من الثياب ، وخدمتهم أبناء فارس والروم ، يتزيّن الرجل منهم بزينة المرأة لزوجها ، ويتبرّج النساء زيهم زي الملوك ، ودينهم دين كسرى بن هرمز ، يتسمنون يتباهون بالحشاء واللباس ، فإذا تكلم أولياء الله عليهم العباء منحنية أصلابهم قد ذبحوا أنفسهم من العطش ، إذا تكلم منهم متكلم كذّب وقيل له أنت قرين الشيطان ورأس الضّلالة ، تحرّم زينة الله التي أخرج لعباده ، والطيبات من الرزق ، تأوّلوا الكتاب على غير تأويله ، واستذلوا أولياء الله ، واعلم يا أسامة أن أقرب الناس إلى الله يوم القيامة من طال حزنه
__________________
(١) ضبطت عن الأنساب ، وهذه النسبة إلى الترجمان اسم جدّ ، وذكره السمعاني في ترجمة قصيرة.
(٢) بالأصل «يصرف».
(٣) زيادة لازمة.