مرسلوا الناقة كما سألوها (فِتْنَةً لَهُمْ) امتحانا لهم (فَارْتَقِبْهُمْ) فانتظر أمر الله فيهم ، وتبصّر ما هم صانعون (وَاصْطَبِرْ) على أذاهم حتّى يأتيك أمري.
(وَنَبِّئْهُمْ) وأخبرهم (أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ) مقسوم لها شرب يوم ، ولهم شرب يوم. وإنّما قال : «بينهم» لتغليب العقلاء. (كُلُّ شِرْبٍ) نصيب من الماء (مُحْتَضَرٌ) محضور لهم ، أو للناقة. ففي يوم الناقة تحضره الناقة ، وفي يومهم يحضرونه. وقيل : يحضرون الماء في نوبتهم ، واللبن في نوبتها.
(فَنادَوْا صاحِبَهُمْ) أي : دبّروا في أمر الناقة بالقتل ، فدعوا واحدا من أشرارهم ، وهو : قدار بن سالف أحيمر ثمود (فَتَعاطى) فاجترأ على تعاطي الأمر العظيم غير مكترث له (فَعَقَرَ) فأحدث العقر بالناقة فقتلها. وقيل : فتعاطى السيف فقتلها. والتعاطي تناول الشيء بتكلّف.
(فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) أي : فانظر كيف كان عذابي لهم وإنذاري إيّاهم.
(إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً) يعني : صيحة جبرئيل (فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ) كالحشيش أو الشجر اليابس المتهشّم المتكسّر ، الّذي يجمعه صاحب الحظيرة لماشيته في الشتاء. والحظيرة : هي الّتي يتّخذها المحتظر ـ أي : صاحبها ـ لغنمه تمنعها من برد الريح. والمعنى : أنّهم بادوا وهلكوا ، فصاروا كيبيس الشجر المتفتّت إذا تحطّم.
(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٣٢) كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (٣٣) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ (٣٤) نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ (٣٥) وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنا فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ (٣٦) وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا