ومن الأبنية الفاخرة المزيّنة بالدرّ واليواقيت والزمرّد والعقيان (١). وذكر «غير بعيد» بعد الإزلاف للتأكيد ، كما تقول : هو قريب غير بعيد ، وعزيز غير ذليل.
(هذا ما تُوعَدُونَ) على إضمار القول. والإشارة إلى الثواب ، أو مصدر «أزلفت». وقرأ ابن كثير بالياء. (لِكُلِّ أَوَّابٍ) رجّاع إلى ذكر الله. بدل من «المتّقين» بإعادة الجارّ ، كقوله : (لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ) (٢). (حَفِيظٍ) حافظ لحدود الله ، متحفّظ من الخروج إلى ما لا يجوز ، من سيّئة تدنّسه أو خطيئة تشينه.
(مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ) بدل بعد بدل. أو بدل من موصوف «أوّاب» أي : شخص أوّاب. ولا يجوز أن يكون في حكم «أوّاب» ، لأنّ «من» لا يوصف به ، فإنّه لا يوصف من بين الموصولات إلّا بـ «الّذي» وحده. أو مبتدأ خبره (ادْخُلُوها) على تأويل : يقال لهم : ادخلوها ، فإنّ «من» بمعنى الجمع.
ويجوز أن يكون منادى ، كقولهم : من لا يزال محسنا أحسن إليّ. وحذف حرف النداء للتقريب.
و «بالغيب» حال من المفعول ، أي : خشيه وهو غائب لم يعرفه وكونه معاقبا إلّا بطريق الاستدلال. أو من الفاعل ، أي : خشيه حال كونه لم يره. أو صفة لمصدر ، أي : خشيه خشية ملتبسة بالغيب ، حيث خشي عقابه وهو غائب. أو هو غائب عن الأعين لا يراه أحد.
وتخصيص «الرحمن» للثناء البليغ على الخاشي ، وهو خشيته مع علمه أنّه الواسع الرحمة ، كما أثنى عليه بأنّه خاش مع أنّ المخشيّ منه غائب. ونحوه : (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) (٣). فوصفهم بالوجل مع كثرة الطاعات.
__________________
(١) العقيان : الذهب الخالص.
(٢) الأعراف : ٧٥.
(٣) المؤمنون : ٦٠.