وسيبطل ثواب حسنات أعمالهم الّتي عملوها في دينهم يرجون بها الثواب ، لكفرهم برسول الله. أو مكايدهم الّتي نصبوها في مشاقّته ، فلا يصلون بها إلى مقاصدهم ، ولا تثمر لهم إلّا القتل والجلاء عن أوطانهم.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ) بتوحيده (وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) بتصديقه (وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ) بما أبطل به هؤلاء ، كالكفر والنفاق والشكّ والعجب والرياء والمنّ والأذى ونحوها. وليس فيه دليل على إحباط الطاعات بالكبائر ، كما قال أبو حنيفة.
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ ماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ) أي : أصرّوا على الكفر حتّى ماتوا على كفرهم (فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) أبدا ، لأنّ «لن» للتأبيد. وهذا عامّ في كلّ من مات على كفره ، وإن صحّ نزوله في قتلى القليب ، وهو بئر في بدر.
(فَلا تَهِنُوا) فلا تضعفوا ، ولا تذلّوا للعدوّ (وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ) ولا تدعوا إلى السلم تذلّلا وضعفا. ويجوز نصبه بإضمار «أن». وقرأ أبو بكر وحمزة بكسر السين. (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) الأغلبون. ونحوه قوله تعالى : (إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى) (١).
(وَاللهُ مَعَكُمْ) بالنصرة على عدوّكم (وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ) ولن يضيع أعمالكم ، بل يثيبكم عليها. من : وترت الرجل إذا قتلت له قتيلا ، من ولد وأخ أو حميم.
وحقيقته : أفردته من قريبه أو ماله. من الوتر ، وهو الفرد. فشبّه إضاعة عمل العامل وتعطيل ثوابه بوتر الواتر. وهو من فصيح الكلام. ومنه قوله عليهالسلام : «من فاتته صلاة العصر فكأنّما وتر أهله وماله» ، أي : أفرد عنهما قتلا ونهبا.
(إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ (٣٦) إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ
__________________
(١) طه : ٦٨.