تعظيمه ، ختم ذلك بالتعظيم الّذي ليس يقاربه تعظيم ولا يدانيه ، فقال : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ) أي : إنّ الله يثني على النبيّ بالثناء الجميل ، ويبجّله بأعظم التبجيل ، وملائكته يثنون عليه بأحسن الثناء ، ويدعون له بأزكى الدعاء ، اعتناء بإظهار شرفه وتعظيم شأنه.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ) اعتنوا أنتم أيضا بذلك ، فإنّكم أولى بذلك (وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) أي : قولوا : اللهمّ صلّ على محمّد وسلّم.
وقيل : معنى «وسلّموا» : وانقادوا لأوامره. ويؤيّده ما رواه أبو بصير ، قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام : قد عرفت صلاتنا عليه ، فكيف التسليم؟ فقال : هو التسليم له في الأمور».
يعني به الانقياد لأوامره ، وبذل الجهد في طاعته صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ويعضد الأوّل ما قاله الزمخشري (١) والقاضي (٢) ، وذكره الشيخ في التبيان (٣) : إنّ المعنى : قول السلام عليك أيّها النبيّ.
قال أبو حمزة الثمالي : حدّثني السدّي وحميد بن سعد الأنصاري وبريد بن أبي زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن كعب بن عجزة ، قال : لمّا نزلت هذه الآية قلنا : يا رسول الله هذا السلام عليك قد عرفناه ، فكيف الصلاة عليك؟ قال : «قولوا : اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمد ، كما صلّيت على إبراهيم وآل إبراهيم ، إنّك حميد مجيد. وبارك على محمّد وآل محمّد ، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم ، إنّك حميد مجيد».
وعن عبد الله بن مسعود قال : إذا صلّيتم على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فأحسنوا الصلاة عليه ، فإنّكم لا تدرون. قالوا : فعلّمنا. قال : قولوا : اللهمّ اجعل صلاتك ورحمتك
__________________
(١) الكشّاف ٣ : ٥٥٧.
(٢) أنوار التنزيل ٤ : ١٦٧.
(٣) التبيان ٨ : ٣٢٦ ـ ٣٢٧.