ثمّ عطف سبحانه قصّة شعيب وقومه على ما تقدّم ، فقال : (وَإِلى مَدْيَنَ) أي : وأرسلنا إلى قبيلة مدين (أَخاهُمْ) في النسب (شُعَيْباً فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ) وافعلوا ما ترجون به ثوابه ، من فعل الطاعات وتجنّب السيّئات. فأقيم المسبّب مقام السبب. وقيل : إنّه من الرجاء بمعنى الخوف. (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) مرّ معناه.
(فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ) الزلزلة الشديدة. وعن الضحّاك : هي صيحة جبرئيل ، لأنّ القلوب ترجف لها. (فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ) بلدهم ، أو دورهم. ولم يجمع لأمن اللبس. (جاثِمِينَ) باركين على ركبهم ميّتين.
(وَعاداً وَثَمُودَ) منصوبان بإضمار : اذكر ، أو بفعل دلّ عليه ما قبله ، مثل : أهلكنا. وقرأ حمزة وحفص ويعقوب : وثمود غير منصرف ، على تأويل القبيلة.
(وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ) أي : بعض مساكنهم. أو إهلاكهم من جهة مساكنهم ، إذا نظرتم إليها عند مروركم بها. وكان أهل مكّة يمرّون عليها في أسفارهم فيبصرونها.
(وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ) من الكفر والمعاصي. (فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ) السويّ الّذي بيّنه الرسل عليهمالسلام (وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ) عقلاء متمكّنين من النظر والاستبصار ، ولكنّهم لم يفعلوا. أو متبيّنين أنّ العذاب لا حق بهم بإخبار الرسل لهم ، ولكنّهم لجّوا حتّى هلكوا.
(وَقارُونَ) عطف على «عادا». وتقديمه على قوله : (وَفِرْعَوْنَ) لشرف نسبه. (وَهامانَ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ) بالحجج الواضحات ، من قلب العصا حيّة ، واليد البيضاء ، وفلق البحر ، وغيرها (فَاسْتَكْبَرُوا) فطلبوا التجبّر ، ولم ينقادوا للحقّ (فِي الْأَرْضِ وَما كانُوا سابِقِينَ) فائتين ، بل أدركهم أمر الله تعالى ، فلم يفوتوه. من : سبق طالبه إذا فاته.