(فَلَمَّا رَأَتْهُ) رأت بلقيس الصرح (حَسِبَتْهُ لُجَّةً) وهي معظم الماء (وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها) لدخول الماء.
وعن ابن كثير : سأقيها بالهمز ، حملا على جمعيه : سئوق وأسؤق.
وقيل : إنّها لمّا رأت الصرح قالت : ما وجد ابن داود عذابا يقتلني به إلّا الغرق ، وأنفت أن تجبن فلا تدخل ، ولم يكن من عادتهم لبس الخفاف.
فلمّا كشفت عن ساقيها رأى سليمان رجلها ، فإذا هي أحسن الناس ساقا وقلما إلّا أنّها شعراء (قالَ) لها (إِنَّهُ) إنّ ما تظنّينه ماء (صَرْحٌ مُمَرَّدٌ) مملّس (مِنْ قَوارِيرَ) من زجاج ، وليس بماء.
ولمّا رأت سرير سليمان والصرح (قالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي) بالكفر الّذي كنت عليه ، من عبادة الشمس.
وقيل : حسبت أنّ سليمان يغرقها في اللجّة ، فقالت : ظلمت نفسي بسوء ظنّي بسليمان (وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) فيما أمر به عباده ، فحسن إسلامها.
قيل : إنّها جلست عند سليمان ، فدعاها إلى الإسلام ، وكانت قد رأت الآيات الباهرة والمعجزات الظاهرة ، فأجابته وأسلمت.
وروي أن سليمان لمّا رأى ساقها شعراء أساءه ذلك ، فاستشار الجنّ فيه ، فعملوا الحمّامات ، وطبخوا له النورة والزرنيخ ، وكان أوّل ما صنعت له النورة ، فتزوّجها.
وقال بعض المؤرّخين : إنّه تزوّجها وأقرّها على ملكها ، وأمر الجنّ فبنوا لها سيلحين (١) وغمدان ، وكان يزورها في الشهر مرّة ، فيقيم عندها ثلاثة أيّام ، وولدت له.
__________________
(١) سيلحين أو سيلحون : قرية باليمن. وغمدان : قصر باليمن.